الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم حديثًا صحيحًا ولا أثرًا عن صحابي أن لسورة الرحمن فضلًا خاصًا في الشفاء، وعلى من ادعى ذلك أن يأتي بالدليل، خصوصًا إذا انضاف إلى الاستشفاء بها بعض التقييدات التي ذكرت في السؤال, ووردت في الرابط المحال عليه - كادعاء أن سماعها بصوت عبد الباسط عبد الصمد أكثر تأثيرًا في العلاج -، فإن الالتزام بذلك والمداومة عليه غير مشروع، ويدخل صاحبه في البدعة؛ إذ الأصل أن القرآن كله شفاء ورحمة للمؤمنين، وهذا الشفاء عام يشمل الأمراض الحسية والمعنوية, قال ابن القيم: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ» وَالصَّحِيحُ: أَنَّ «مِنْ» هَاهُنَا، لِبَيَانِ الْجِنْسِ لَا للتبعيض، وقال تعالى: «يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ», فَالْقُرْآنُ هُوَ الشِّفَاءُ التَّامُّ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْوَاءِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ، وَأَدْوَاءِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَا كُلُّ أَحَدٍ يُؤَهَّلُ وَلَا يُوَفَّقُ لِلِاسْتِشْفَاءِ بِهِ، وَإِذَا أَحْسَنَ الْعَلِيلُ التَّدَاوِيَ بِهِ، وَوَضَعَهُ عَلَى دَائِهِ بِصِدْقٍ وَإِيمَانٍ، وَقَبُولٍ تَامٍّ، وَاعْتِقَادٍ جَازِمٍ، وَاسْتِيفَاءِ شُرُوطِهِ، لَمْ يُقَاوِمْهُ الدَّاءُ أَبَدًا. انتهى.
وسورة الرحمن قد وردت في فضائلها أحاديث ضعيفة، منها ما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن علي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لكل شيء عروس، وعروس القرآن الرحمن.
وأخرج البيهقي أيضًا عن فاطمة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قارئ الحديد, وإذا وقعت الواقعة, والرحمن, يدعى في ملكوت السماوات والأرض ساكن الفردوس. وكلا الحديثين ضعيف الإسناد كما قال الألباني - رحمه الله -.
وللمزيد من الفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 4799، 183969، 130675.
والله أعلم.