الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سألت عنه جزء من حديث ورد في صحيحي البخاري ومسلم، وقد كفانا مؤونة التعليق عليه وشرحه الحافظ ابن حجر في فتح الباري، ونحن ننقل لك نص كلامه لما فيه من الفائدة والوضوح حيث قال: قوله: لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار. قال الخطابي: أراد بهذا الكلام تألف الأنصار واستطابة نفوسهم، والثناء عليهم في دينهم حتى رضي أن يكون واحدا منهم لولا ما يمنعه من الهجرة التي لا يجوز تبديلها، ونسبة الإنسان تقع على وجوه منها الولادة، والبلادية، والاعتقادية، والصناعية. ولا شك أنه لم يرد الانتقال عن نسب آبائه لأنه ممتنع قطعا، وأما الاعتقادي فلا معنى للانتقال فيه، فلم يبق إلا القسمان الأخيران، وكانت المدينة دار الأنصار والهجرة إليها أمرا واجبا، أي لولا أن النسبة الهجرية لا يسعني تركها لانتسبت إلى داركم. قال: ويحتمل أنه لما كانوا أخواله لكون أم عبد المطلب منهم أراد أن ينتسب إليهم بهذه الولادة لولا مانع الهجرة. وقال ابن الجوزي: لم يرد صلى الله عليه وسلم تغيير نسبه ولا محو هجرته، وإنما أراد أنه لولا ما سبق من كونه هاجر لانتسب إلى المدينة وإلى نصرة الدين، فالتقدير لولا أن النسبة إلى الهجرة نسبة دينية لا يسع تركها لانتسبت إلى داركم. انتهى.
والله أعلم.