الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأم فضلها على أولادها عظيم، وقد جعل الشرع لها مكانة عظيمة, وأوجب على أولادها برها والإحسان إليها، ويمكن مراجعة النصوص الدالة على ذلك بالفتوى رقم: 27653.
ولا شك في أنه إذا أمكن أيًّا من هؤلاء الزوجات أن تسكن أم زوجها معها فهو أفضل، فإن ذلك يدل على حسن خلقها, وقد يكسبها ود زوجها, وتحسن عشرتها معه, ولكن لا يلزمها الموافقة على سكناها معها، فقد نص الفقهاء على أن للزوجة أن تطلب مسكنًا مستقلًا عن أهل زوجها بمن فيهم الوالدان, وقد بينا ذلك بالفتوى رقم: 116753.
وبهذا تعلمين أنه لا مؤاخذة على الإخوة بمجرد رفض زوجاتهم سكنى الأم معهن، وأنه ليس لهم إلزامهن بذلك, كما أنه لا يلزم من هذا أن يكون هؤلاء الإخوة مسيطرًا عليهم من قبل زوجاتهم، فاتهامهم بمثل هذا من غير بينة لا يجوز.
وإذا كانت الأم محتاجة إلى السكنى أو النفقة أو الخدمة وجب ذلك على أولادها كل بحسبه, كما هو مبين بالفتوى رقم: 110382, فإذا وقع منهم تقصير من هذه الجهة فإنهم مؤاخذون، فينصح المقصر, ويبين له واجبه بالحسنى، فإن فرط فهو عاص، والعاصي يشرع هجره, ولكن تراعى في ذلك المصلحة, كما أوضحنا بالفتوى رقم: 29790.
وقد ذكر أهل العلم أن الصلة تحصل بالسلام ورده، ولكن الاكتفاء بالسلام عليهم عند رؤيتهم في الشارع فقط نخشى أن لا تتحقق به الصلة المطلوبة شرعًا, وتحصل به القطيعة؛ إذ الغالب أن يتأذوا بمثل هذا التصرف، وراجعي الفتوى رقم: 187609.
والله أعلم.