الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد أحسست بخروج هذا الخارج في أثناء الصلاة، وتيقنت يقينا جازما أنه قد خرج منك شيء، فكان الواجب عليك أن تقطعي تلك الصلاة وتتوضئي، وتستأنفي الصلاة مرة أخرى، فإن هذا الخارج أيا كان يعد ناقضا للوضوء لكونه خارجا من السبيل، ثم إذا تيقنت كونه منيا، فالواجب عليك أن تغتسلي، وإن تيقنت كونه مذيا، فالواجب عليك أن تطهري المحل، وما أصاب البدن والثوب منه وتتوضئي للصلاة، وإن كان من رطوبات الفرج، فالراجح طهارتها، ومن ثم فلم يكن يلزمك غير الوضوء، وإذا شككت في هذا الخارج هل هو مني أو غيره، فإنك تتخيرين فتجعلين له حكم واحد مما شككت فيه؛ وانظري الفتوى رقم: 158767. ولبيان صفة مني المرأة والفرق بينه وبين مذيها انظري الفتوى رقم: 128091، ورقم: 131658. وقد تتخلف بعض صفات المني ويكون مع ذلك منيا موجبا للغسل إذا وجد فيه ما هو من خصائصه وتحقق كونه منيا.
قال النووي: فكل واحدة من هذه الصفات كافية في كونه منيا، ولا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهَا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا شئ لَمْ يُحْكَمْ بِكَوْنِهِ مَنِيًّا: وَأَمَّا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ فَأَصْفَرُ رَقِيقٌ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَقَدْ يَبْيَضُّ لِفَضْلِ قُوَّتِهَا. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ: وَلَا خَاصِّيَّةَ لَهُ إلَّا التَّلَذُّذُ، وَفُتُورُ شَهْوَتِهَا عَقِيبَ خُرُوجِهِ، وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِذَلِكَ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ. فَعَلَى هَذَا لَهُ خَاصِّيَّتَانِ يُعْرَفُ بِإِحْدَاهُمَا. انتهى.
وليس كل ما يخرج عند وجود الشهوة منيا، بل العبرة بوجود صفات المني المشار إليها، والغالب أن الذي يخرج عند الفكر ونحوه هو المذي، وقد سبق بيان ما يفعل عند الشك في نوع الخارج.
والله أعلم.