الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فيجب على الزوج أن يعامل زوجته بالمعروف، كما أمره الله تعالى بذلك في قوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وقال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، وقال تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229].
وروى أبو داود في سننه عن معاوية بن حيدة -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إن اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت".
وقد شرع الله مع ذلك وسائل إقامة المرأة إذا اعوجت، وإصلاحها إن فسدت، وذلك على مراتب ثلاث:
الأولى: الوعظ.
الثانية: الهجر.
الثالثة: الضرب غير المبرح.
وقد سبق بيان ذلك بضوابطه في الفتوى: 6897.
أما سب المرأة، ولعنها، وشتمها، فلا يجوز بحال؛ إذ إن العقوبات المشروع للزوج استخدامها، إنما شرعت لتقويم المرأة، وليس للتشفي منها، أو إهانتها، وفي الحديث السابق: ولا تقبح. أي: لا تقل لها: قبحك الله، وغير ذلك مما يُعد سبًّا، وشتمًا. وعنه صلى الله عليه وسلم: إن الله يبغض الفاحش البذيء.
فنحن ننصح الزوج المذكور بأن يتقي الله في زوجته، التي أخذها بأمانة الله، واستحل فرجها بكلمة الله؛ لأن الله سائله عن ذلك يوم القيامة.
وإذا كان هذا هو الحال، فلا ينبغي للزوجة أن تقابل الخطأ بالخطأ؛ لأن طغيان أحد الزوجين على حق الآخر، لا يسوغ طغيان الآخر على حقه، وكلٌ منهما مسؤول عن عمله الذي عمله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا ضرر، ولا ضرار. رواه أحمد في مسنده، وهو أيضاً في سنن الدارقطني.
وبناءً على ذلك؛ فإنه لا يجوز للزوجة الخروج لزيارة أحد بغير إذن زوجها، حتى ولو كان أباها، أو أخاها، أو ابنتها؛ لأن حق الزوج آكد من حق صلة الرحم.
وعلى الزوجة المذكورة أن تتوب إلى الله تعالى مما صنعت، وتندم عليه، وتعزم على عدم العودة إليه مرة أخرى.
ونوصيها بالصبر على أذى زوجها، والقيام بالنصح له بالمعروف، أو إرسال من له تأثير عليه لنصيحته، وإرشاده؛ بنية الإصلاح، لا الفضيحة، يقول الله تعالى: إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا [النساء:35].
ودعاء الله عز وجل بصلاح حاله، هو أنجح سلاح، وأنجع دواء لدائه، والله تعالى نسأل أن يهيئ لكما من الأمر رشدًا، وراجعي الفتوى رقم: 7206.
والله أعلم.