الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على إعجابك بموقعنا، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك إلى كل خير، وأن يصرف عنا كل سوء ويعيذنا من الفتن وأسبابها، إنه خير مسؤول وخير مجيب.
ولا يخفى عليك أن فتنة النساء عظيمة؛ ولذا جاءت السنة المطهرة بالتحذير من ذلك، ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
ومن هنا وضع الشرع سياجا متينا في تعامل الرجل مع المرأة الأجنبية فأمر بالستر والحجاب وغض البصر وعدم الخضوع في القول عند محادثة الرجال، وحرم الخلوة إلى غير ذلك مما يصون المجتمع المسلم ويحفظ له طهره، ومحادثة المسلم للأجنبية لا تجوز إلا لحاجة وبقدر الحاجة مع التزام ضوابط الشرع، وأما أن يحادثها هكذا بإطلاق على زعم الرغبة في الخطبة أو الزواج فهذا لا يجوز شرعا، فمن فعل ذلك ففي الفتنة سقط بمخالفته للشرع، ولأنه لا يؤمن أن يقوده الشيطان إلى ما هو أعظم، ولذا حذر الرحمن من اتباع خطوات الشيطان حيث قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.
فإذا أردت السلامة لدينك وعرضك فاقطع كل علاقة لك بهذه الفتاة، فإن تيسر لك فيما بعد الزواج منها فذاك، وإلا فالنساء غيرها كثير، وننبه هنا إلى أن موافقة وليها على المحادثة بينكما لا اعتبار لها شرعا، وتعليقا على قولك: وأنا متق لله ـ نقول: التقوى تستلزم اجتناب معصية الله تعالى، قال طلق ابن حبيب: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله مخافة عذاب الله.
وقولك: ونيتي صافية.. نقول فيه: إن صفاء النية لا يحسن العمل السيء، وآية سورة البقرة التي ذكرتها لا علاقة لها بما نحن فيه، فإنها متعلقة بالتصريح أو التعريض في خطبة المرأة أثناء عدتها، وهي أيضا مضبوطة بالضوابط الشرعية، وليست الآية في مؤانسة أو محادثة على النحو الذي أنت فيه مع هذه الفتاة، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 3433.
والله أعلم.