الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الآيات التي تكلمت عن نظر إبراهيم صلى الله عليه وسلم، في الشمس والقمر والنجوم من سورة الأنعام، والتي ابتدأها الله تعالى بقوله: فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْأفِلِينَ [الأنعام:76]، وآخرها قوله تعالى: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام:79]، قد اختلف العلماء في تفسيرها على عدة أقوال، وقد لخصها العلامة صديق حسن القنوجي في تفسيره فتح البيان بقوله: ثم اختلف في تأويل هذه الآية، فقيل: أراد إقامة الحجة على قومه كالحاكي لما هو عندهم وما يعتقدونه، لأجل إلزامهم. وقيل: معناه، أهذا ربي؟ أنكر أن يكون مثل هذا رباً، ومثله قوله تعالى: أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34]. أي: أفهم الخالدون؟ وقيل المعنى: وأنتم تقولون: هذا ربي، فأضمر القول، وقيل المعنى: على حذف مضاف، أي هذا دليل ربي. انتهى.
وعلى كلٍ، فإن معتقد أهل السنة أن الأنبياء معصومون من الكبائر، وهذا الذي قرره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وغيره من علماء الإسلام، وراجع في هذا الفتوى رقم: 6901 .
فهذا مع ما سبق من توجيه المفسرين للآية يبين لنا أن إبراهيم عليه السلام، لم يشرك بربه قط، وقد ذكر الله عنه ذلك في القرآن في قوله تعالى: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام:79]، وأمر الله نبيه بإتباع ملته فقال: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل:123]، وقال تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل:120].
ومن هذه الآيات التي لا تقبل التأويل والتشكيك، تبين للسائل أن إبراهيم عليه السلام ما كان من المشركين أبداً.
والله أعلم.