الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الرحم واجبة، وقطيعتها محرمة، وكبيرة من كبائر الذنوب، وقد بينا ذلك بأدلته بالفتوى رقم: 76678.
فلا يجوز لك ترك صلة أرحامك لمجرد ما حدث منهم من أذية لوالديك، فهذا ليس بمسوغ شرعا لقطعها. ولا تجوز طاعة الوالدين إن أمرا بقطعها؛ كما هو مبين بالفتوى رقم: 75897.
فصلي أرحامك، واسعي في الإصلاح قدر الإمكان، فالإصلاح بين المتخاصمين من أفضل القربات وأجل الطاعات؛ وراجعي في هذا الفتوى رقم: 50300. ولا تنسي أن تكثري من دعاء الله تعالى أن يوفق إلى الإصلاح، ويجمع شمل الأقارب.
وتجب الصلة بما هو ممكن، فإن كان المسلم مستطيعاً الزيارة وجبت عليه بما يقتضيه العرف صلة، ولا يكتفي بدونها ما دام قادرا عليها.
جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب: فالواجب صلة الرحم بالزيارة والهدية، فإن لم يقدر على الصلة بالمال فليصلهم بالزيارة وبالإعانة في أعمالهم إن احتاجوا إليه، وإن كان غائباً يصلهم بالكتاب، فإن قدر على السير إليهم كان أفضل.... اهـ.
وإن لم يقدر على الزيارة، أو خشي أن تترتب عليها مفاسد وصلهم بما أمكنه.
وأما متى يعتبر الشخص قاطع رحم، فقد سبق بالفتوى رقم: 18350 أن أدنى درجات الصلة ترك المهاجرة، وصلة الرحم بالكلام ولو بالسلام. ولكن حتى الاكتفاء بالسلام فقط قد لا يكفي أحيانا صلة؛ كما هو مبين بالفتوى رقم: 187609. ولذا فالعرف له اعتباره فيما يتعلق بالصلة أو القطيعة.
والله أعلم.