الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن منع توريث المسلم من الكافر، هو مذهب الجمهور منهم الأئمة الأربعة وأتباعهم، وهو ظاهر الحديث المتفق عليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.
وقد ذهبت طائفة أخرى من أهل العلم إلى أن المسلم يرث من مورثه الكافر غير الحربي، وهذا هو قول معاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي سفيان، ومحمد بن الحنفية، ومحمد بن علي بن الحسين، وسعيد بن المسيب، ومسروق بن الأجدع وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية فقال هؤلاء: نرث من الكفار ولا يرثوننا، كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا، وحمل هؤلاء قوله صلى الله عليه وسلم: ولا الكافر المسلم على الحربي دون الذمي والمنافق والمرتد.
واستدلوا بأنه صلى الله عليه وسلم كان يجري المنافقين في الأحكام الظاهرة مجرى المسلمين، فيرثون ويورثون، وقد مات عبد الله بن أبي وغيره ممن شهد القرآن بنفاقهم، ونُهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عليهم والاستغفار لهم وورثه ورثته المسلمون.
وقد حمل طائفة من العلماء قوله صلى الله عليه وسلم: لا يقتل مسلم بكافر. على الحربي دون الذمي.
ولا ريب أن من حمل قوله صلى الله عليه وسلم: لا يرث المسلم الكافر. على الحربي. أولى وأقرب محملاً، إذ في توريث المسلمين منهم ترغيب في الإسلام لمن أراد الدخول فيه من أهل الذمة، وهذه مصلحة ظاهرة يشهد لها الشرع بالاعتبار في كثير من تصرفاته... إلى آخر كلام طويل ساقه ابن القيم في أحكام أهل الذمة في شأن توريث المسلم من الكافر.
والحاصل: أن الخلاف في المسألة، خلاف قديم وقوي، والذي نراه في مثل حالتكم هو أن ما وصل إليكم من أموال هذه الجدة لكم التصرف فيه بما ترونه مناسباً.
والله أعلم.