الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتهاون والتفريط في تعامل الرجل مع النساء الأجنبيات مذموم شرعًا، وقد احتاط الشرع في هذا الباب, فأمر بغض البصر, ونهى عن الخلوة بالأجنبية, ونهى المرأة عن الخضوع بالقول عند مخاطبة الرجال، وحذّر الشرع من تهاون المرأة مع أقارب الزوج تحذيرًا بليغًا، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ. متفق عليه. الحمو: أخو الزوج, وما أشبهه من أقارب الزوج.
قال ابن الأعرابي: هي كلمة تقولها العرب مثلًا، كما تقول: الأسد الموت، أي: لقاؤه فيه الموت، والمعنى: احذروه كما تحذرون الموت.
وقال النووي - رحمه الله -: وإنما المراد أن الخلوة بقريب الزوج أكثر من الخلوة بغيره، والشر يتوقع منه أكثر من غيره، والفتنة به أمكن؛ لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة بها من غير نكير عليه, بخلاف الأجنبي. انتهى.
ونص أهل العلم على أن الكلام مع الأجنبية لا يجوز لغير حاجة، قال العلّامة الخادمي - رحمه الله - في كتابه: بريقة محمودية - وهو حنفي -: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة.
فإن كان زوجك يتهاون في غض البصر, ويتبسط في تعامله مع الأجنبيات: فعليك نصحه برفق, وإطلاعه على كلام أهل العلم في التحذير من هذا الأمر، ولا ننصحك بطلب الطلاق منه لهذا السبب، فقد ذكرت عنه أنه صاحب دين وخلق, فإذا كان مقصرًا في بعض الأمور فلا يكون هذا التقصير سببًا كافيًا لطلب الطلاق.
أما إذا وصل الأمر به إلى الوقوع في الكبائر: فلك حينئذ طلب الطلاق منه, بل ينبغي عليك ذلك، وراجعي الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق في الفتويين: 37112، 116133.
والله أعلم.