الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا رغبت المرأة في الزواج من كفئها: فلا حق لوليها في منعها من التزوج به، وإذا منعها كان عاضلًا لها, ويحق لها حينئذ رفع أمرها للقاضي الشرعي ليزوجها, أو يأمر وليها بتزويجها، وانظر الفتوى رقم: 79908.
وقد سبق أن بينا أن المعتبر في الكفاءة بين الزوجين هو الدين فقط على القول الراجح، إلا أن كثيرًا من العلماء يعتبر الكفاءة في النسب, كما بيناه في الفتوى رقم: 2346.
فعلى القول باعتبار النسب في الكفاءة فمن حقك منع تزويج ابنتك من هذا الرجل، وهذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، قال الكاساني الحنفي - رحمه الله -: فَمَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْكَفَاءَةُ أَشْيَاءُ. مِنْهَا النَّسَبُ.
وقال النووي الشافعي - رحمه الله - عند ذكر الأمور المعتبرة في الكفاءة: الثَّالِثَةُ: النَّسَبُ، فَالْعَجَمِيُّ لَيْسَ كُفْئًا لِلْعَرَبِيَّةِ.
وقال ابن قدامة الحنبلي - رحمه الله -: والكفء ذو الدين والمنصب, فلا يكون الفاسق كفئًا لعفيفة؛ ..... ولا يكون المولى والعجمي كفئاً لعربية.
وأما القائلون باعتبار الدين وحده في الكفاءة - وهم المالكية - فإنهم لم يعتبروا الأب عاضلًا إلا إذا منع ابنته من الزواج بكفئها إضرارًا بها, أما إذا منعها لمسوّغ فلا يعد عاضلًا، جاء في التاج والإكليل لمختصر خليل: عن ابن عبد السلام: إن أبى ولي إنكاح وليته وأبدى وجهًا قبل, وإلا أمره السلطان بإنكاحها، فإن أبى زوجها عليه.
وعليه, فالظاهر لنا - والله أعلم - أن منعك ابنتك من زواج هذا الرجل للأسباب التي ذكرتها لا يدخل في العضل المنهي عنه, ولا يلحقك به إثم - إن شاء الله - فبين ذلك لابنتك, وذكرها بأنك حريص على مصلحتها, وأنه مع القول باعتبار الدين معيار الكفاءة, فإن اعتبار التقارب بين الزوجين في الأمور الأخرى - كالنسب, وغيره - أمر مطلوب كذلك, فهو أدعى لتقارب الطباع بين الزوجين, واستقامة الحال بينهما.
والله أعلم.