الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يقوي عزيمتك ويثبتك على الحق، ثم اعلمي ـ وفقك الله ـ أن البلاء لازم من لوازم الاستقامة الحقة، قال تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ {العنكبوت:2}.
وأخبر النبي صلوات الله عليه أن أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على قدر دينه، فإذا تبين لك هذا علمت أن ما أنت فيه من البلاء هو نعمة من الله تعالى عليك يمحصك بها ليعلم صدق إيمانك وصحة يقينك، والفرج منوط بالصبر على البلاء، فما هو إلا صبر ساعة ثم يذهب ما تعانين منه ـ بإذن الله ـ فاعلمي أن ربك تعالى رؤوف رحيم وأنه أرحم بك من أمك التي ولدتك، وأنه لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له، فإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له، وإن أصابته سراء فشكر كان خيرا له، فوطني نفسك على الصبر على البلاء واحتمال الأذى في ذات الله جل اسمه، فإن الله مع الصابرين، ومن كان الله معه فلن يضيع ولن يخيب، وأكثري من طاعته سبحانه وأقبلي عليه بكليتك وأديمي الفكر في صفات جلاله ونعوت كماله سبحانه وتعالى، وأكثري من ذكره ودعائه واللجأ إليه والابتهال له، فإنه سبحانه يحب الملحين في الدعاء، واعلمي أن من حفظ الله حفظه الله تعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: احفظ الله يحفظك.
ولا تأتيك طاعة الله والإقبال عليه إلا بالخير، فحذار حذار مما يوسوس به الشيطان لك ليثبط عزيمتك ويفل من إرادتك، فاستمري في المجاهدة ووطني نفسك على التجلد والاحتمال إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، وترفقي بأهلك وحاولي دعوتهم إلى الله تعالى بلين ورفق، مستصحبة حسن الخلق، فإنه من أكثر جواذب القلوب إلى الحق، واجتهدي في الدعاء لهم بالهداية، واحرصي على صحبة الأخيار ممن تجدين في صحبتهن غنى عما تحسينه من الضيق والعنت، وإذا أتاك الكفء فبادري بالزواج، فإن رفض أبوك تزويجك فلك رفع أمرك إلى القاضي الشرعي ليأمره بالتزويج أو يتولى تزويجك، أعاننا الله وإياك على ما فيه رضاه.
والله أعلم.