الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قصدت بقولك: علي اليمين ـ اليمين بالله تعالى وكانت زوجتك قد خالفتك في يمينك وباتت خارج بيتها، فقد لزمتك كفارة يمين ـ وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام ـ وراجع الفتوى رقم: 2022.
وأما إن كنت قصدت باليمين: الطلاق، فهو طلاق، قال الشيخ ابن باز رحمه الله: إذا قال الرجل لزوجته: عليَّ اليمين لتخرجين من البيت، أو لا تخرجين من البيت، أو لا تكلمين فلانًا، أو لا تعملين كذا وكذا، فهو على نيته، إن كان نيته الطلاق فهو طلاق، وإن كان نيته اليمين بالله على نيته.
وأما إذا كنت قد حلفت هذا اليمين ولم تقصد به شيئا محددا، فالراجح ـ والله أعلم ـ أنها تحمل على العرف الشائع في بلدك، قال الشيخ عليش رحمه الله: وسئل شيخنا أبو يحيى ـ رحمه الله تعالى ـ عن رجل قال: علي اليمين ما أخذت الشيء الفلاني، نسيانا منه، ولم يقصد بصيغته شيئا معينا فتبين أنه أخذه، فهل يلزمه الطلاق أو اليمين بالله، وعليه الكفارة أو كيف الحال؟ فأجاب بما نصه: الحمد لله يلزم هذا الرجل ما جرى به عرف أهل بلده، فإن جرى العرف بأنه طلقة واحدة لزمه طلقة، وإن جرى بأنه ثلاثة لزمه ثلاث، وإن لم يجر بالطلاق أصلا لزمه كفارة يمين.
وعلى اعتبار كونه يمين طلاق فالمفتى به عندنا أن الحلف بالطلاق ـ سواء أريد به الطلاق، أو التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد ـ يقع به الطلاق عند الحنث، وهذا مذهب جمهور العلماء، وأما شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فيرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى رقم: 11592.
فعلى المفتى به عندنا إن كانت زوجتك قد باتت خارج بيتها فقد وقع عليها الطلاق، فإن كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية فلك مراجعتها قبل انقضاء عدتها، ولمعرفة ما تحصل به الرجعة راجع الفتوى رقم: 54195.
وأما إن كانت هذه هي الطلقة الثالثة: فإنها تبين منك بينونة كبرى ولا تملك رجعتها إلا إذا تزوجت زوجا غيرك ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ثم يطلقها الزوج أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه.
واعلم أن الحلف المشروع يكون بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، وانظر الفتوى رقم: 138777.
والله أعلم.