الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإننا أولا نحمد الله تعالى أن هدى تلك المرأة للإسلام، ونسأله أن يثبتنا وإياها عليه حتى نلقاه, وأما عدولها عن الماء إلى التيمم فإننا نرى أن هذا لا يجوز؛ لأنه لا يجوز التيمم مع وجود الماء، والقدرة على استعماله, وما ذكرته من خشية اكتشاف أهلها أمرها بسبب الوضوء، هذا غير كاف للعدول عن الماء، إذ يمكنها أن تغلق الحمام على نفسها وتتوضأ من غير إحداث ضجة، وليس الوضوء سباحة، أو غسلا كاملا يحصل به صوت عال لخرير الماء، والواقع يشهد بأنه يمكن لمن في الحمام أن يتوضأ بدون أن يعلم به من في الخارج, ثم إن مجرد قيامها لصلاة الفجر يوميا قد يكون أدعى لمعرفة أهلها بإسلامها، ومع هذا لا يجوز لها ترك الصلاة بحجة خشية علم أهلها بإسلامها, ولتعلم تلك الأخت أن الإيمان غال وعزيز، وأعظم نعمة ينعم الله بها على عبده، وأنه لا بد فيه من الاختبار والامتحان؛ كما قال تعالى: { ألم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }. سورة العنكبوت. وكما قال تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) } سورة محمد.
فلتوطن نفسها على أنها قد تؤذى في سبيل الله وتختبر، ولتجتهد في الثبات والصبر، وستجد عاقبة صبرها وثباتها رفعة في الدنيا والآخرة، وقد قال تعالى: { ... إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } 90 : سورة يوسف.
كما أننا نوصي الأخوات المسلمات أن يولين تلك الأخت حديثة الإسلام كل العناية والرعاية، والتوجيه والنصح، لا سيما إذا تعرضت لأذى من أهلها، فإن المسلم أخو المسلم لا يُسلِمه ولا يخذله، كما صح بذلك الحديث, وليحذرن من تركها تواجه المشاكل لوحدها؛ فإن هذا قد يكون سببا لردتها نسأل الله السلامة لنا ولها؛ وانظري الفتوى رقم: 125150 عن عوامل الثبات على الدين في أماكن الفتنة، والفتوى رقم: 140828عن كون الصبر الجميل هو مطية المؤمن عند الشدة.
والله تعالى أعلم.