الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكذب من المحرمات الكبيرة التي يجب على المسلم أن يبتعد عنها ويحذر منها، ويكون تحريمه أشد وعقوبته أغلظ إذا حلف عليه، وهي اليمين الغموس التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس. رواه البخاري.
فما كان منك من ذلك قبل بلوغ سن التكليف، فإن القلم مرفوع عنك ولا يلزمك فيه شيء، لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المصاب حتى يكشف عنه. رواه أحمد وغيره.
وإذا استطعت أن تعملي شيئاً من أعمال البر والخير فلا شك أن ذلك أفضل، وما كان منه بعد البلوغ: فعليك أن تبادري بالتوبة النصوح منه إلى الله تعالى، ولتكثري من الطاعات وأعمال الخير.. فإن الحسنات يذهبن السيئات، والتوبة تمحو ما قبلها، كما قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}.
وقال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وفي رواية: الندم توبة... رواه ابن ماجه وغيره وحسنه الألباني.
فهذا هو الذي يكفر الحلف على الكذب عند جمهور أهل العلم، وذهب بعضهم إلى وجوب الكفارة فيها مع ذلك، وهو الأحوط،
وعلى القول بالكفارة، فإذا كنت تتذكرين عدد الأيمان بعد البلوغ: فعليك الكفارة عن كل يمين، وإلا لزمك الاحتياط حتى تبرأ ذمتك، وما كان من الأيمان مكررا على شيء واحد ففيه كفارة واحدة.. وانظري الفتوى رقم: 22807.
ولمعرفة التخلص من آفة الكذب انظري الفتوى رقم: 62493.
والله أعلم.