الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى في حكم التشقير وأنه جائز، وليس من النمص المحرم، وأن تركه أفضل, وبجوازه أفتى جمع من العلماء المعاصرين منهم: الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين.
وقد قال الشيخ محمد المنجد حفظه الله تعالى: أما بالنسبة للتشقير فقد سألنا عنه علماءنا، وسألت عن هذا شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله- وشيخنا: الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله- فأجازا ذلك، وقال الشيخ محمد : إن التشقير تلوين ... اهــ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى كما في ( فتاوى لقاء الباب المفتوح ): يوجد بعض الأصباغ والألوان توضع على الحاجبين حتى تبدو رقيقة، وتبقى هذه مدة شهر تقريباً، فهل هذا في حكم النَّمْص؟ فأجاب الشيخ بقوله:
لا، يعني: تلوين الشعر بغير السواد لمن ابيضَّ شعره لا بأس به، هذا هو الأصل؛ لأن الأصل في غير العبادات الحِل، وليس هذا من النَّمْص؛ لكنه من ترقيق الشعر كما أن بعض الناس يختار أن يكون شعره جعداً ويَطَّلَيه بما يقوي الشعر.
السائل: الحاجبان يا شيخ، يرققها باستخدام بعض الألوان عليها حتى تبدو رقيقة، ولا يقص شعر الحاجبين؛ ولكن يضعها عليه ويلوِّن البشرة!
الشيخ: ليس فيه بأس. اهــ.
والقول بأن الشيخ ابن عثيمين تراجع عن فتواه يحتاج إلى إقامة بينة، وإلا فالأصل بأنه لم يتراجع.
وقد سئل -رحمه الله تعالى- عن التشقير قبل وفاته بسنة فقط، فأجازه فقد سأله أحد طلابه المقربين - وهو الشيخ الدكتور الشيخ أحمد بن عبد الرحمن القاضي - بتاريخ 19/3/1420هـ فقال: لا بأس به, كما في كتاب ثمرات التدوين للشيخ أحمد, والشيخ توفي سنة 1421 هـــ , وليس من عادة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - أن يستخدم تلك الألفاظ التي ذكرت في السؤال ( خدعوني، خدعوني ) ومن كان على علم بأسلوب الشيخ، وفتاواه، أدرك ذلك، وأنه كان إذا تراجع عن فتوى قال بأنه ظهر له كذا بعد أن أفتى بكذا، لا أن يقول ( خدعوني خدعوني ) فنظن أن هذا من الكذب على المشايخ .
وليس في تجويز التشقير تحليل لما حرم الله من النمص كما فعل اليهود يوم السبت، وقد رددنا على هذه الشبهة في الفتوى رقم:70075.
كما أن إطلاق القول بأن مادة التشقير عازلة للماء غير دقيق، إذ ربما كانت المواد المستخدمة مختلفة منها ما يعزل الماء، ومنها ما لا يعزله، أو يزول بمجرد الغسل, والفتوى ينبغي أن تخرج منضبطة بالضوابط والقيود الشرعية لا أن تعتمد وتبنى على مجرد الوعظ والتخويف والتهويل .
والله تعالى أعلم.