الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تاب العبد من ذنبه توبة نصوحا مستجمعة لشروطها من الندم والإقلاع والعزم على عدم العودة قبل الله توبته ومحا عنه أثر ذلك الذنب، ثم إذا عاد فارتكب نفس الذنب مرة أخرى لم يؤاخذ بما تاب منه من الذنوب، وكان كمن ارتكب هذا الذنب لأول مرة، فلا تبطل توبته السابقة بعودته إلى الذنب، ويجب عليه أن يبادر بالتوبة من هذا الذنب الذي عاد إليه، قال ابن القيم رحمه الله: وَمِنْ أَحْكَامِ التَّوْبَةِ أَنَّهُ: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى الذَّنْبِ أَبَدًا، أَمْ لَيْسَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ؟ فَشَرَطَ بَعْضُ النَّاسِ عَدَمَ مُعَاوَدَةِ الذَّنْبِ، وَقَالَ: مَتَى عَادَ إِلَيْهِ تَبَيَّنَّا أَنَّ التَّوْبَةَ كَانَتْ بَاطِلَةً غَيْرَ صَحِيحَةٍ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِنَّمَا صِحَّةُ التَّوْبَةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِقْلَاعِ عَنِ الذَّنْبِ، وَالنَّدَمِ عَلَيْهِ، وَالْعَزْمِ الْجَازِمِ عَلَى تَرْكِ مُعَاوَدَتِهِ... فَإِذَا عَاوَدَهُ، مَعَ عَزْمِهِ حَالَ التَّوْبَةِ عَلَى أَنْ لَا يُعَاوِدَهُ، صَارَ كَمَنِ ابْتَدَأَ الْمَعْصِيَةَ، وَلَمْ تَبْطُلْ تَوْبَتُهُ الْمُتَقَدِّمَةُ.
ثم أطال النفس في البحث، فأجاد على عادته رحمه الله.
والله أعلم.