الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المعيار الصحيح لاختيار الزوج، وهو الدين والخلق، فقال: إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ. رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه الألباني.
فما دام هذا الشاب صاحب خلق واستقامة ـ كما ذكرت ـ فإنه لا يرد بذنب والده، فقد قال الله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى{فاطر:18}.
وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
ثم إن أكله من مال أبيه المختلط بالحرام يكره إن كان هو الغالب، وأما إن كان كله حراما فيحرم عليه، لكن إن كان عاجزا عن التكسب فيجوز له ذلك، فحكمه حكم المضطر إلى أكل الميتة ليدفع الأذى عن نفسه، كما أن المال الحرام يكون حلالا لمستحقه من الفقراء والمساكين، فهو في حق حائزه حرام، وفي حق آخذه بالحق حلال، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: مسألة في الأموال التي يجهل مستحقها مطلقا أو مبهما ـ وذكر منها الأموال التي قبضت بعقد فاسد من ربا أو ميسر ونحو ذلك ـ ثم قال: وإذا أنفقت كانت لمن يأخذها بالحق مباحة، كما أنها على من يأكلها بالباطل محرمة. انتهى.
فمع احتمال عجزه عن التكسب أو جهله بالحكم أو توبته من أكل مال أبيه إن كان كله حراما، ومع ديانة الشاب واستقامته كلها أمور تدعو إلى قبوله لا رده، وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 60040، 169433، 78585، 7707، 97757.
والله أعلم.