الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من نعم الله تعالى على العبد أن يحبب إليه عمل الخير، وييسر له القيام به؛ فقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل: سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً... الحديث. رواه الطبراني، وحسنه الألباني.
فلتحمد الله تعالى على حبك لعمل الخير، وتسأله أن ييسر لك القيام به.
ولتعلم أن الإقدام على النذر المعلق مكروه، والوفاء به واجب على الكيفية التي نذره بها صاحبه إن كان قربة؛ فقد قال الله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري وغيره.
فعليك إذا تحقق ما علقت عليه نذرك، أن تفي به على الكيفية التي نذرته بها، وهي تقديم خدمة لدين الله كل يوم، ويتحقق ذلك بأي عمل تقوم به كل يوم يخدم الإسلام، ويدخل فيه إنشاء جمعية لتحفيظ القرآن الكريم، أو جمعية تعلم الناس ما ينفعهم في دينهم، فكل ذلك وما أشبهه مما يقدم خدمة لدين الله باستمرار، يدخل في الوفاء بنذرك إذا قمت به.
وأما قولك: ولكن قد أكون غير متواجد. فإنه لا تأثير لحضورك وعدمه ما دامت الخدمة مقدمة منك يوميا؛ لأن نذرك هو خدمة الدين باستمرار، ولم تشترط لذلك الحضور. كما هو ظاهر السؤال، أما إذا كنت قد اشترطت مباشرة الخدمة، أو نويت الحضور لها بنفسك، فيلزمك ما اشترطت أو نويت؛ لأن الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى.
ولا مانع من تنفيذ الخدمة والوفاء بالنذر قبل حصول ما علق عليه -على قول كثير من أهل العلم- ولكن ذلك لا يجب.
فقد جاء في دقائق أولي النهى: ( ويجوز إخراجه ) أي ما نذره من الصدقة، وفعل ما نذره من الطاعة ( قبله ) أي: قبل وجود ما علق عليه لوجود سببه وهو النذر كإخراج كفارة يمين قبل الحنث... اهـ.
وجاء في المجموع: ( فرع ) قال صاحب العدة: لو نذر صوما أو صلاة في وقت بعينه, لم يجز فعله قبله, ولو نذر التصدق في وقت بعينه، جاز التصدق قبله, كما لو عجل الزكاة .
وقال في "مغني المحتاج": ويجوز تقديم المنذور على حصول المعلق عليه إن كان ماليا. انتهى.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 79247.
والله أعلم.