الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، والحقيقة أن السؤال فيه بعض الغموض الذي قد يمنع من التصور الصحيح التام للسؤال، ولكن الذي فهمناه من المعطيات المقدمة في سؤالك: أن هناك علاقة تعاقدية سابقة بين الشركة العقارية والبنك، صار البنك بموجبها دائنا للشركة العقارية، وقد رهنت الشركة المشروع بأكمله مقابل هذا الدين، كما سمح البنك المرتهن للشركة العقارية ببيع الوحدات السكنية على أن يحال ثمنها كاملا إليه، وهذه العلاقة التعاقدية لم نقف على تفاصيلها، وبالتالي لا يمكن الحكم عليها بحل ولا حرمة، وإن كان الأمر على خلاف ما ذكرنا فبينه.
لكن يجب ملاحظة أنه لا يجوز التعامل مع البنوك الربوية ولو كانت المعاملة شرعية، لأن الواجب هو الإنكار على هذه البنوك لتعاملها بالربا، وأقلُّ الإنكار أن يهجرها المسلمون، وأن لا يتعاملوا معها حتى تلتزم بشرع الله، ولا يستثنى من هذا إلا حالة ما إذا كان للبنك فرع خاص بالمعاملات الإسلامية وكان مستقلاً تمام الاستقلال عن البنك، وكانت له لجنة رقابة شرعية عارفة بأحكام الشرع وصارمة في المراقبة، وانظر الفتويين رقم: 35439، ورقم: 64071.
أما فيما يتعلق بعلاقتك التعاقدية مع الشركة العقارية فواضح أنها شراء بالتقسيط مع رهن الوحدة المشتراة على ثمنها، مع سماح الشركة العقارية المرتهنة لك بالانتفاع بها مع كونها مرهونة، وتقوم أنت بسداد الأقساط للشركة من خلال البنك الذي يقوم بتحصيلها لنفسه، والمعاملة بالصورة المذكورة لا يظهر فيها إشكال شرعي، فجميع ما تضمنته هذه المعاملة جائز وتوضيح ذلك كما يلي:
1ـ أما حكم البيع بالتقسيط: فقد بينا جوازه في عدد من الفتاوى، مثل الفتاوى التالية أرقامها: 1084، 4243، 193467.
2ـ وأما رهن المبيع على ثمنه: فقد بينا جوازه في عدد من الفتاوى، مثل الفتاوى التالية أرقامها: 10348، 28795، 31840 .
3ـ وأما انتفاع الراهن بالرهن بإذن المرتهن: فقد بينا جوازه في عدد من الفتاوى، مثل الفتاوى التالية أرقامها: 15091، 16545، 22089.
ولا يؤثر في جواز هذه المعاملة العلاقة التعاقدية بين الشركة العقارية والبنك حتى ولو افترض أنها ربوية ما دام فعلك خاليا من الربا وغيره من المحاذير الشرعية، إذ إنك لم تباشر الربا ولم تعن عليه بشكل مباشر، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 138740.
والله أعلم.