الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسعي هذا الشخص، وتعقبه لمعاملات زبائن البنك، وأخذك عمولة على ذلك، لا حرج فيه، إن كانت المعاملات التي يسعى في تحقيقها، ويتعقب إنجازها، مشروعة، وحينئذ يجوز الانتفاع بما كسبه من ذلك العمل، وله صرفه فيما يشاء من الأوجه المشروعة.
وأما لو كانت المعاملات التي يسعى فيها، ويتعقب إنجازها، معاملات محرمة، فالعمولة التي أعطيت له مقابل ذلك تعتبر كسبا خبيثا لا يحل له الانتفاع به، بل يلزمه التخلص منها بصرفها في مصالح المسلمين، ودفعها للفقراء والمساكين. ولا يرده لمن بذلوه؛ لئلا يجمع لهم بين العوض والمعوض. وإذا كان حال إقدامه على تلك المعاملات جاهلا بحرمتها، وتاب منها، فله الانتفاع حينئذ بما كسبه منها.
ومهما يكن من أمر، فحرمة المال الحرام إنما تتعلق بذمة آخذه إن لم يكن معذورا بجهل في كسبه، ولا تتعلق الحرمة بما استهلكه فيه من عقار أو غيره، وبالتالي فلا حرج عليه في الانتفاع بالأرض، وبما بناه عليها من عقار، لكن لو كانت المعاملات التي سعى فيها محرمة، وهو عالم بحرمتها، فعليه إخراج بدل ما كسبه منها، يصرفه في وجوه البر، ويدفعه للفقراء والمساكين، وأما لو كانت المعاملات مباحة، أو محرمة لكنه أقدم عليها جاهلا بحرمتها، وقد تاب منها، فلا حرج عليه في الانتفاع بما كسبه منها، ولا يلزمه التصدق ببدل ما استهلكه. وللفائدة انظر الفتوى رقم: 138376
والله أعلم.