الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى حلال لنا إن كانت تذبح بالطريقة الشرعية، لقوله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ {المائدة:5}.
قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن ذبائح أهل الكتاب لنا حلال إذا ذكروا اسم الله عليها. اهـ.
وأما كون النصارى الموجودين في البلد غير ملتزمين بدينهم: فلا يمنع ذلك إجراء أحكام أهل الكتاب عليهم، فما داموا ينتسبون إلى النصرانية فإنهم يعاملون معاملة النصارى، وقد سئلت اللجنة الدائمة سؤالا جاء فيه: .. . يقول بعض الناس إن النصارى الموجودين اليوم كفرة بدينهم وبالإنجيل الذي بين أيديهم وأن أكثرهم قد ألحد وترك دينه، ومنهم من تمسك بما يسمى بالكتاب المقدس الذي هو عبارة عن كتاب وضعه كبار القساوسة آخذين ما فيه من عدة أناجيل، ولذلك يعتبرون كفرة بالإنجيل الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أنه كان إنجيلاً محرفا،
فأجابت بما يلي: كان اليهود والنصارى كافرين بكثير من أصول الإيمان التي جاءت في التوراة والإنجيل، فكان الهيود كافرين بنبوة بعض الأنبياء كعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، ويقتلون الأنبياء بغير حق وحرفوا كثيراً من أحكام التوراة، وكان جماعة منهم يقولون إن عزيزاً ابن الله.. إلخ، وكان النصارى يقولون إن الله ثالث ثلاثة، وإن المسيح ابن الله، ويكفرون بنبوءة محمد صلى الله عليه وسلم... إلخ، ومع هذا سماهم الله أهل الكتاب، وأحل ذبائحهم ونكاح نسائهم المحصنات للمسلمين ولم يكن كفرهم وشركهم وتحريفهم لكتبهم مانعاً من إجراء أحكام أهل الكتاب عليهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يكون مانعاً من إجرائها عليهم إلى يوم القيامة. اهـ.
لكن إن شاع في البلد الذبح بالطرق غير الشرعية كالصعق حتى الموت، واشتبه المذبوح ولم يُدر هل ذبح بالطريقة الشرعية أم لا؟ فلا تحل الذبائح حينئذ حتى يتبين أنها ذبحت بطريقة شرعية، لأن الأصل في اللحوم التحريم، وانظري لمزيد الفائدة في هذا الباب الفتاوى التالية أرقامها: 2437، 128816، 129341.
وأما سوى الذبائح ـ كالفلافل ـ فهي مباحة، وما ذكرته من احتمال أن يصبها زيت اللحم فهي شبهة ضعيفة لا ينبغي الالتفات إليها، لأن الأصل عدم وجودها.
والله أعلم.