الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك العافية والسلامة من الوسوسة، ونفيدك أن كونك تكرهين، وتنفرين من هذه الوساوس الشيطانية، علامة على إيمانك، وأنك لم تكفري بهذه الوساوس والخواطر؛ فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلاً عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً، وانتفت عنه الريبة والشكوك. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في الفتاوى: والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان، وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره؛ كما قال الصحابة: يا رسول الله؛ إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض، أحب إليه من أن يتكلم به. فقال : ذاك صريح الإيمان. وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به. قال: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له، ودفعه عن القلب، هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه، فهذا أعظم الجهاد، والصريح الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس. اهـ .
والحل لمشكلتك هو الاعراض الكلي عن التفكير في هذا الأمر، وشغل النفس عنه بالانهماك في التعلم، وما تيسر من أعمال الخير. وإذا تيسر وجود صديقات مستقيمات، تتعاونين معهن على التعلم وعمل الخير، فاحرصي على ذلك، فإن الانفراد من أسباب تسلط الشيطان على الإنسان.
وأما ما تذكرين من رؤية اسم المسيح عليه السلام في الغيوم، فالمتبادر أنه من جملة ما تعانين منه من الوسواس، فلا تلتفتي لهذا وأمثاله، واشتغلي بما ينفعك في دينك، ودنياك.
والله أعلم.