الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الحديث إن كنت تعني به حديث المسند الذي قال فيه الإمام أحمد: حدثنا يحيى، حدثنا قدامة بن عبد الله، حدثتني جسرة بنت دجاجة، أنها انطلقت معتمرة فانتهت إلى الربذة فسمعت أبا ذر يقول: قام النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي في صلاة العشاء فصلى بالقوم، فلما رأى قيامهم وتخلفهم انصرف إلى رحله، فلما رأى القوم قد أخلوا المكان رجع إلى مكانه فصلى فقمت خلفه، فأومأ إلي بيمينه، فقمت عن يمينه، ثم جاء ابن مسعود فقام خلفي وخلفه، فأومأ إليه بشماله، فقام عن شماله، فقمنا ثلاثتنا يصلي كل رجل منا بنفسه ويتلو من القرآن ما شاء الله أن يتلو، فقام بآية من القرآن يرددها حتى صلى الغداة، فبعد أن أصبحنا أومأت إلى عبد الله بن مسعود أن سله ما أراد إلى ما صنع البارحة؟ فقال ابن مسعود بيده: لا أسأله عن شيء حتى يحدث إلي، فقلت: بأبي أنت وأمي قمت بآية من القرآن ومعك القرآن لو فعل هذا بعضنا وجدنا عليه؟ قال: دعوت لأمتي، قال: فماذا أجبت؟ أو ماذا رد عليك؟ قال: أجبت بالذي لو اطلع عليه كثير منهم طلعة تركوا الصلاة، قال: أفلا أبشر الناس؟ قال: بلى، فانطلقت معنقا قريبا من قذفة بحجر، فقال عمر: يا رسول الله، إنك إن تبعث إلى الناس بهذا اتكلوا عن العبادة، فناداه. اهـ.
فهذا الحديث قال في شأنه الدكتور عبد العزيز بن محمد بن علي العبد اللطيف في كتابه نواقض الإيمان: في سنده قدامة بن عبدالله بن عبدة البكري، قال عنه ابن حجر: مقبول ـ وفي سنده جسرة بنت دجاجة، قال البيهقي: فيها نظر ـ وقال البخاري في تاريخه: وعند جسرة عجائب.
وقال الشيخ ابن عثيمين فيه أيضا: لعله من عجائب جسرة التي أشار إليها البخاري، حيث قال: عند جسرة عجائب ـ وإذا لم يكن من عجائبها فقدامة ابن عبد الله الراوي عنها قيل: إنه أفلت، أو فليت العامري الذي لم يفلت من كلام الناس بعضهم فيه، فإن لم يكن إياه فليس الحديث بصريح في عدم كفر تارك الصلاة، وإذا لم يكن صريحا صار من المتشابهة الذي يجب رده إلى المحكم الدال على كفر تارك الصلاة. اهـ.
وراجع في السؤال الثاني الفتوى رقم: 130853.
والله أعلم.