الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لم تبين لنا ما كان بينك وبين خالك من اتفاق، وما فعله بعد لنخبرك هل في ذلك خيانة أم لا؟ ولا ريب أن مخادعة الناس أمر محرم شرعا، وهو من خصال المنافقين، وصاحبه متوعد، جاء في الحديث: أهل النار خمسة ـ وذكر منهم ـ ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك. أخرجه مسلم.
والصبر على المصائب فرض واجب في كل حال، قال ابن تيمية: والصبر واجب باتفاق العلماء. اهـ.
وقال ابن القيم: الصبر واجب باتفاق الأمة. اهـ.
ولا تلازم بين الصبر وبين العفو عن المسيء، فالصبر متعلق بما قدره الله من المصيبة، وحقيقته ألا يجزع العبد من تقدير الله للمصيبة وألا يتسخط منها، وليس من لازم الصبر على المصيبة أن يعفو الشخص عمن تسبب فيها، وأما العفو وترك المؤاخذة: فله فضائل كثيرة، وقد بينا طرفا منها في الفتوى رقم: 27841.
لكن محل الندب إلى العفو هو إذا كان رُجي به الإصلاح، وأما إن كان العفو يؤدي إلى مفسدة، فالأفضل الأخذ بالحق وعدم العفو، قال الشيخ ابن عثيمين: والعافين عن الناس ـ يعني: الذين إذا أساء الناس إليهم عفوا عنهم، فإن من عفا وأصلح فأجره على الله، وقد أطلق الله العفو هنا ولكنه بين قوله تعالى: فمن عفا وأصلح فأجره على الله ـ أن العفو لا يكون خيرا إلا إذا كان فيه إصلاح، فإذا أساء إليك شخص معروف بالإساءة والتمرد والطغيان على عباد الله، فالأفضل ألا تعفو عنه وأن تأخذ بحقك لأنك إذا عفوت ازداد شره، أما إذا كان الإنسان الذي أخطأ عليك قليل الخطأ قليل العدوان، لكن أمر حصل على سبيل الندرة فهنا الأفضل أن تعفو. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 112756.
واعلم أن إساءة القريب لا تُحِل قطيعته، وأن صلة القريب المسيء موجبة لمعونة الله للواصل، فعن أبي هريرة: أن رجلا قال يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. أخرجه مسلم.
والله أعلم.