الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأجرة الحجام مما تعارضت في حكمه ظواهر الأدلة، والخلاف فيها قديم ومستفيض بين أهل العلم من هذه الأمة سلفا وخلفا. وملخص ما فيها: أن كثيرا من أهل العلم على جوازها دون الكراهة، وأن منهم أجازها للعبد دون الحر، ومنهم من حمل النهي على الكراهة والتنزيه دون المنع والتحريم. وقد تعرضنا لهذا الخلاف في الفتوى رقم: 7756 .
ونضيف هنا نتفا من كلام المحققين من أهل العلم في هذا المعنى.
قال النووي في شرح مسلم: وقد اختلف العلماء في كسب الحجام فقال الأكثرون من السلف والخلف: لا يحرم كسب الحجام، ولا يحرم أكله لا على الحر ولا على العبد. وهو المشهور من مذهب أحمد. وقال في رواية عنه، قال بها فقهاء المحدثين: يحرم على الحر دون العبد. اهـ.
وفي الإقناع لابن المنذر: وكسب الحجام غير محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «أعطى الحجام أجره» ، والنهي الذي وقع فيه نهي تنزيه لا نهي تحريم. اهـ.
وقال الصنعاني في سبل السلام: وقد اختلف العلماء في أجرة الحجام، فذهب الجمهور إلى أنه حلال. واحتجوا بهذا الحديث، وقالوا هو كسب فيه دناءة وليس بمحرم، وحملوا النهي على التنزيه. اهـ.
أما الخلاصة التي نرتضيها لك من هذا الخلاف فهي: أنه إذا كانت بهذه المرأة حاجة إلى هذا العمل، فلا حرج عليها ولا إثم في امتهانه تقليدا للقائلين بجوازه، وهم كثير. أما إذا لم تكن بها إليه حاجة، أو وجدت كسبا آخر طيبا لا شبهة فيه، فتركه خروجا من الخلاف أسلم وأنزع إلى الصواب.
والله أعلم.