الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة تأخير أجرة العمال، ومماطلتهم في حقوقهم، من الظلم المحرم؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
والمقصود بالأمر بإعطاء الأجير حقه قبل جفاف عرقه في الحديث، إنما هو أمر بالمبادرة بوفائه، وليس المقصود جفاف العرق حقيقة، لأنه قد لا يعرق.
قال المناوي في فيض القدير: فالأمر بإعطائه قبل جفاف عرقه إنما هو كناية عن وجوب المبادرة عقب فراغ العمل إذا طلب، وإن لم يعرق، أو عرق وجف.
وأما المساواة بين العمال في الرواتب، فليست بواجبة شرعا، ولو كانت المؤهلات واحدة، والعمل واحدا، بل ولو كان أصحاب الأجور العالية أقل مؤهلات، وأخف عملا، وإنما يرجع ذلك إلى العقد وما اتفق عليه رب العمل أو وكيله مع العامل، إذ العقد شريعة المتعاقدين ما لم يخالف الشرع، والمؤمنون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا.
لكن للعامل رفض تجديد العقد بعد انتهاء مدة العمل مع جهة عمله، ما لم تعطه الراتب الذي يريده.
ثم إن مسألة أخذ العمال للأغراض كالشاي وغيره، في مقابل ما يشعرون به من الظلم، لا يجوز. ما لم يؤذن لهم فيه من قبل جهة العمل نصا أوعرفا .
وأما مسألة أخذك للمستحقات دون علم جهة عملك. فجوابه أنك لم تبين لنا ما هي تلك المستحقات وهل جهة عملك ظلمتك في بعض حقك أم لا ؟ لأنك ربما تحسب أن جهة عملك إذا لم تزد راتبك تكون قد ظلمتك، وليس الأمر كذلك.
وعلى كل فقد بينا كلام أهل العلم في مسألة الظفر وهل يجوز للعامل الأخذ من مال رب العمل دون إذنه إن كان قد ظلمه وجحد حقه؟ وذلك في الفتوى رقم: 94337.
والله أعلم.