الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان خلاف العلماء في حكم حلق اللحية والأخذ منها في الفتوى رقم:
14055 والفتوى رقم: 2711 .
وليعلم الأخ السائل أن التشدد في الدين مذموم، لقوله صلى الله عليه وسلم: يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا. رواه البخاري ومسلم. وهذا لفظ البخاري وفي رواية أخرى: إن الدين يسر، ولن يُشادَّ الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة.
وقد بين العلماء معنى التشديد المنهي عنه في الحديث، فقال ابن حجر في شرح هذا الحديث: وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة، فإنه من الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدي إلى الملال، أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل. اهـ
وقال أيضًا: وقد يستفاد من هذا الإشارة إلى الأخذ بالرخصة الشرعية، فإن الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة تنطع، كمن ترك التيمم عند العجز عن استعمال الماء، فيفضي به استعماله إلى حصول الضرر. اهـ
فعُلم بذلك أن التشدد هو : المبالغة في تنفيذ الأمر بما يشق على النفس، ويكون سبباً في نفورها ومللها، وعُلم كذلك أن التيسير هو : الأخذ بالرخصة عند الحاجة إليها، وتنفيذ الأوامر الشرعية بأسهل الطرق المشروعة، وليس معناه التفريط أو التساهل في أداء التكاليف الشرعية .
وقد سبق أن بينا بالأدلة الشرعية في أجوبة متقدمة أحلناك عليها قبلُ .
وننصحك بمراجعة كتاب أدلة تحريم حلق اللحية، للشيخ محمد بن إسماعيل.
وقد ذهب بعض المعاصرين إلى أن حلقها مكروه ، منهم : الشيخ جاد الحق علي جاد الحق - رحمه الله - شيخ الأزهر سابقًا، والدكتور : يوسف بن عبد الله القرضاوي وغيرهما .
والمسلم يقف من هذا الخلاف موقف العازم على اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، واقتفاء أثره، لا موقف المتهاون المفرط الذي يبحث عن رخص العلماء وزلاتهم، وقد مضى بيان حكم تتبع الرخص في الفتوى رقم: 4145.
والله أعلم.