الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله الأب من تخصيصه لكم بأرض البناء، فإن كان لمسوغ معتبر من حاجتكم وعدم حاجة البنات، فلا حرج عليه، وفي هذا يقول ابن قدامة رحمه الله: فإن خص بعضهم بالعطية، لمعنى يقتضي تخصيصهم مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو أكثر عائلة، أو اشتغاله بالعلم، أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى، أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج فزوجه، فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه، ولكن عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجوا أن يزوجهم كما زوج الأول. اهـ.
وإن لم يكن ما فعله الأب لمسوغ معتبر، فالواجب عليه العدل في العطية على الراجح، ويمكنه تدارك ذلك بأن يعطي البنات مثل ما أعطى للأبناء من أرضه الزراعية، ويضبط ذلك بالقيمة، أو يعطيهم قيمة الأرض نقدا وهكذا، واختلف في كيفية ذلك العدل هل للذكر مثل حظ الأنثيين؟ أم تعطى الأنثى مثل ما للذكر؟ والأولى هو التسوية بينهما، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. رواه الطبراني والبيهقي.
وأما الأم: فلا يلزمه أن يعطيها مثل ما أعطى للأبناء، لكن لا يجوز له توزيع ماله قبل موته بقصد حرمانها من التركة.
والله أعلم.