الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا تيقنت من انتقاض وضوئك، فالواجب عليك الوضوء، ثم الأفضل لك بعد أن تتوضأ، أن ترجع إلى مكانك إن أمكنك ذلك. قال ابن قدامة في المغني: إذَا جَلَسَ فِي مَكَان, ثُمَّ بَدَتْ لَهُ حَاجَةٌ, أَوْ احْتَاجَ إلَى الْوُضُوءِ, فَلَهُ الْخُرُوجُ . { قَالَ عُقْبَةُ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ, فَسَلَّمَ, ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا, فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إلَى حُجَرِ بَعْضِ نِسَائِهِ فَقَالَ: ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي, فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ }. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَإِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ, ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: { مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ, ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ, فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ }. انتهى.
فإن لم يمكنك الرجوع إلى مكانك بسبب كثرة الزحام، فصل حيث تيسر لك ذلك، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فمتى اتقيت الله ما استطعت فقد حصل لك أجر ما بذلت وسعك في تحصيله، ويحصل لك أجر الصف الأول، والتبكير، بالنية الصادقة، فعَنْ أَنَسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ، فَقَالَ: إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا، مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلاَ وَادِيًا إِلَّا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ رواه البخاري. قال الحافظ في الفتح: وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ يَبْلُغُ بِنِيَّتِهِ أَجْرَ الْعَامِل إِذا مَنعه الْعذر عَن الْعَمَل. انتهى.
ولا تخرج من الخطبة، أو الصلاة إلا إذا تيقنت يقينا جازما تستطيع أن تحلف عليه أنه قد خرج منك شيء، وإياك ووساوس الشيطان في طهارتك وصلاتك، وفي أمورك كلها. وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين: 178277، 152433.
والله أعلم.