الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من عزم على المعصية، وبذل ماله في فعلها، ثم لم يتحقق له ما عزم عليه، يعتبر آثما.
قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله:... قَالُوا إِنَّ الْعَزْمَ عَلَى السَّيِّئَةِ يُكْتَبُ سَيِّئَةً مُجَرَّدَةً، لَا السَّيِّئَةَ الَّتِي هَمَّ أَنْ يَعْمَلَهَا، كَمَنْ يَأْمُرُ بِتَحْصِيلِ مَعْصِيَةٍ ثُمَّ لَا يَفْعَلُهَا بَعْدَ حُصُولِهَا، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِالْأَمْرِ الْمَذْكُورِ لَا بِالْمَعْصِيَةِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ: إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ، قِيلَ هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ................ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَهُوَ أَنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى عَزْمِهِ بِمِقْدَارِ مَا يَسْتَحِقُّهُ، وَلَا يُعَاقَبُ عِقَابَ مَنْ بَاشَرَ الْقَتْلَ حِسًّا. اهـ.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن الجهل بتحريم الشيء رافع للإثم، وإن كان قد يأثم لكونه أمكنه التعلم ولم يتعلم، ففي صحيح مسلم عن ابن عباس قال: إن رجلاً أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل علمت أن الله قد حرمها؟ قال:لا.
يقول النووي رحمه الله: وفي هذا أن من ارتكب معصية جاهلاً تحريمها، لا إثم عليه ولا تعزير.
وابن عبد البر يقول في شرح الحديث السابق: وفي هذا الحديث دليل على أن الإثم مرفوع عمن لم يعلم. قال الله عز وجل: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً. ومن أمكنه التعلم ولم يتعلم، أثم. انتهى.
وأما عن السحر الذي أصابك، فليس عندنا ما يجزم به في كون سببه هو عزمك، وسعيك في عمل السحر لتلك الفتاة.
وننصحك بالتوبة إلى الله تعالى، ومعالجة السحر بالرقية الشرعية، وقد قدمنا الرقية بالفتوى رقم: 80694
والله أعلم.