الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغيبة من كبائر الذنوب ـ كما عرفت ـ التي نهى الله عنها في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد قال تعالى: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ {الحجرات:12}.
وقد أحسنت عندما ندمت وتبت من هذا الذنب العظيم، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، لكن عليك أن تتحلل ممن اغتبته إن كان حياً، وإن لم تستطع التحلل منه لموته، أو خوفاً من لحوق ضرر فعليك أن تدعو له، وأن تذكر ما تعرف من محاسنه في مثل الأماكن التي اغتبته فيها، مع الاجتهاد في الإكثار من الحسنات الماحية والتقرب إلى الله تعالى بما أمكن من خصال الخير فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على التحلل من المظلوم في الدنيا، فقال: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه، أو شيء، فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.
ويرى بعض أهل العلم أنه يجزئ مع التوبة النصوح أن يستغفر المغتاب لمن اغتابه ويجتهد له في الدعاء ويذكره بالخير.. وانظر الفتوى رقم: 171183.
وأما كونك لم تكن تعلم أنها من الكبائر، أو ما يترتب عليها من عقوبة.. فإن هذا لا يسقط عنك تبعتها، فيكفي في الردع عنها وتجنبها أن تعلم أنها مما نهى الله تعالى عنه، وانظر الفتوى رقم: 138631.
والله أعلم.