الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تحسن أداء المهمة التي وكلت إليك، وتنتظم في عملك وفق عقد العمل وشروطه، فلا حرج عليك في ذلك، ولا فيما تأخذه من راتب ولو لم يوكل إليك أداء عمل؛ لأنك قد مكنت المستأجر من منافعك، والأجرة تثبت بالتمكين فحسب؛ وذلك لأن العامل لدى الدولة أو الشركات ونحوها يعتبر أجيرا خاصا، والأجير الخاص إذا سلم نفسه للمستأجر، ولم يمتنع عن العمل، استحق الأجرة كاملة سواء وُجد عمل أو لم يوجد.
قال الزيلعي الحنفي في تبيين الحقائق: الخاص يستحق الأجر بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية:.... وإذا استوفى المستأجر المنافع، أو مضت المدة، ولا حاجز له عن الانتفاع، استقر الأجر؛ لأنه قبض المعقود عليه، فاستقر البدل.اهـ.
وما ذكرته من كونك قد عهد إليك من قبل بتوزيع بعض المناهج المشتملة على صور محرمة ونحوها، فلا يؤثر في أصل عملك، ولا فيما تاخذه عوضا عنه. والصور التي توضع في المناهج وغيرها مما عمت به البلوى، وعسر الاحتراز منه. والمشقة تجلب التيسير. وعلى من يعطى تلك الكتب أن يطمس الصور المحرمة، ويزيل المنكر إن أمكنه ذلك، ويغض بصره عما لا يحل له.
وأما خروجك قبل انتهاء الدوام الرسمي الذي حدد ابتداء وانتهاء، وتعاقدت عليه مع جهة العمل، فلا يجوز لك الخروج قبل انتهائه، ولا التأخر عن بدايته دون عذر؛ لما في ذلك من الإخلال بالشروط المتعاقد عليها، وفي الحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وصححه السيوطي. وقد ذكره البخاري تعليقاً بلفظ: المسلمون عند شروطهم. لكن لو أذن لك في الانصراف من هو مخول بالإذن في جهة عملك، فلا حرج عليك. كما يجوز لك شغل فراغك في العمل بما هو نافع مفيد كقراءة القرآن، ومطالعة الأخبار، والازياد من العلوم الشرعية ونحو ذلك. مما يتسامح فيه عرفا؛ لأن المأذون فيه عرفا كالمأذون فيه نصا. ويمكنك مخاطبة الإدارة كي تحولك إلى جهة حيوية يعهد إليك فيها بعمل تؤديه. حتى تذهب عن نفسك تلك الشكوك التي تراودك.
والله أعلم.