الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما لا ريب فيه أن الإسلام دين أنزله الله -تعالى-، وكلف جميع الناس بالإيمان به، والعمل بشرعه وأحكامه، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [سـبأ:28]. فهو قطعاً دين للجميع.
أما الآية وهي قوله سبحانه: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً [النبأ:10-11]. فهي في سياق الامتنان من الله -تعالى- على عباده، بأن جعل لهم الليل للسكن والراحة، والنهار للسعي في طلب الرزق وقضاء الحوائج، وقد يحرم بعض الناس هذه النعمة لحكم عديدة، منها أن تتبين قدرة الله -تعالى-، ومشيئته في خلقه، وأن يدرك من أوتيها عظيم نعمة الله عليه، ويدرك من سلبها ضعفه وافتقاره إلى ربه سبحانه.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإن أحكام الشرع ونصوصه إنما تبنى على الغالب، إذ ما من قاعدة إلا ولها شواذ، فيجري الحكم على الغالب، ومن شذ حاله عن القاعدة شرع له من الأحكام ما يناسب حاله. هذا فيما يخص الآية الأولى.
أما الآية الثانية وهي قوله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187]. فإن حكمها فيمن يتمايز عنده الليل من النهار بطلوع الفجر وغروب الشمس، أما البلاد التي يستمر ليلها ستة أشهر، ونهارها ستة أشهر، فالواجب في حقهم التقدير بأقرب بلد إليهم يتمايز فيه الليل عن النهار، قياساً على ما ورد في قصة الدجال في صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه- وفيه: قلنا: يا رسول الله! وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، قلنا: يا رسول الله! فذلك اليوم الذي كسنة، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا. اقدروا له قدره. وللمزيد من التفصيل تراجع الفتوى: 3151، والفتوى: 13229.
وفي الختام: إننا لنحمد للسائل أنه لم يتوقف إيمانه بأحكام الله وشرعه، على معرفة ما أشكل عليه، مما ورد في بعض الآيات، مع سعيه في البحث عن الجواب الصحيح، ولا شك أن هذا مما يجب أن يكون عليه المؤمن، سائلين الله تعالى له التوفيق والسداد.
والله أعلم.