الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنود أن ننبه أولا إلى أنه لا يجوز للمسلم الإقدام على العمل قبل سؤال أهل العلم عما يحتاج إلى معرفة حكمه، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالفروج؛ قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.
قال القرطبي: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها، لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. {النحل: 43}. وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
وإذا أسلمت المرأة الكتابية وزوجها مسلم، فإنها تظل باقية في عصمته حتى يحصل ما يقتضي زوال العصمة من طلاق، أو خلع. فإذا طلقها الزوج أو خالعته، وقعت الفرقة، فإذا انقضت العدة صح زواجها من غيره.
وإذا كان زوجها كافرا، وبقي زوجها على الكفر انفسخ زواجها منه، فإن لم يدخل في الإسلام حتى انقضت عدتها، فلا سبيل له إليها، ولها الزواج من غيره. وانظر الفتوى رقم: 49275. ولكن ينبغي للمسلم أن يجتنب ما يمكن أن يلحقه من حرج أمام الجهات القانونية، إذا كانت هذه المرأة لا تزال تعتبر زوجة لذلك الرجل قانونا.
وعلى تقدير أن لها الزواج من غيره، فالزواج له شروط لا بد أن تتوفر فيه حتى يكون صحيحا، ومن أهم الشروط أن يكون بولي، وشاهدي عدل. وراجع هذه الشروط بالفتوى رقم: 1766. وأما مجرد الاتفاق بين الرجل والمرأة على أن يتعاشرا كزوجين فليس هذا بزواج أصلا، إنما هو زنى. ومن أقدم عليه وهو عالم بالحرمة، فإنه آثم تجب عليه التوبة، وشروط التوبة مبينة بالفتوى رقم: 29785. ولا عبرة بما ذكر من علم الزملاء، أو علم والدتها، أو علم أهل الرجل، فكل هذا لا يعني صحة هذا الزواج.
وإذا رغبا في الزواج فيجب إجراء العقد على الوجه الصحيح، وإن لم يكن لها ولي مسلم، فالذي يتولى تزويجها من هو مسؤول عن قضايا المسلمين في البلاد غير الإسلامية كالمراكز الإسلامية ونحوها، فإن لم توجد فلها أن توكل عدلا من المسلمين ليزوجها كما هو مبين بالفتوى رقم: 56905.
والله أعلم.