الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المؤمن أن يصلي الصلاة في وقتها لا يتعداه، قال تعالى: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103}.
عن قتادة في قوله: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا ـ قال: قال ابن مسعود: إن للصلاة وقتًا كوقت الحجِّ. رواه الطبري من طريق عبد الرزاق بسند صحيح.
وأما تقديم الصلاة عن وقتها: فالأصل عدم جوازه، إلا في حالات مشروعية الجمع، والفجر لا يجمع إلى غيره اتفاقاً، فينبغي أن تحث قائد الأتوبيس، والركاب على إيقاف السيارة في وقت الصلاة، لا سيما وأن الأتوبيس يتوقف للراحة أكثر من مرة فاتفق معه على الراحة وقت الصلاة قبل أن تطلع الشمس، وذكره بفضل الصلاة، وذكر الركاب، فإن توقف فالحمدلله، وإن أبى وأصر على عدم الوقوف، وخفت فوات الرفقة، وشق عليك استئجار وسيلة مواصلات أخرى، فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، فيجب عليك الوضوء والصلاة ملتزماً ما استطعت من الشروط والأركان، فإذا أمكنك الوقوف في الأتوبيس وحددت اتجاه القبلة عن طريق البوصلة أو سؤال أهل الخبرة، واستقبلتها، وركعت، وسجدت على الأرض فقد تمت صلاتك، فإن عجزت فصل على أي حال، قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ { التغابن:16}.
فحاول القيام واستقبال القبلة، وفعل سائر الأركان، وأومئ بما عجزت عنه، وصلاتك صحيحة ولا إعادة في مذهب الإمام أحمد وهو الراجح ـ إن شاء الله ـ خلافاً لمالك والشافعي، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 9766، 142323، 61411، 460430.
وأما الجمع بين الصلوات بعد وصولك: فإن كان سفرك مسافة قصر ـ وهي عند الجمهو أربعة برد، حوالي 83 كيلوا متراً ـ وكنت عزمت على إقامة أقل من أربعة أيام، جاز لك الجمع والقصر، لا سيما مع الحاجة، فإن لم تكن لك حاجة، فالأحسن ترك الجمع، قال ابن تيمية رحمه الله: القصر سنة راتبة، والجمع رخصة عارضة، وروى مسلم عن معاذ ـ رضي الله عنه ـ قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فكان يصلي الظهر والعصر، جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً.
وراجع الفتويين رقم: 95185، ورقم: 108818.
والله أعلم.