الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع قد رخص للمظلوم في أن يدعو على من ظلمه؛ قال سبحانه: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا {النساء:148}.
قال ابن عباس- رضي الله عنه- في تفسيرها: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد، إلا أن يكون مظلوما، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله:"إلا من ظلم"، وإن صبر فهو خير له. أخرجه الطبري.
ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب. متفق عليه. وغيره من الأدلة. وانظري الفتوى رقم: 20322
لكن الأولى للمظلوم أن يعفو عن ظالمه، فالعفو من الخصال الحميدة، فهو من صفات المتقين؛ كما قال سبحانه: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:134}، }. والعفو سبب لمغفرة الله لمن عفا، كما قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور:22}. وانظري المزيد من فضائل العفو في الفتوى رقم: 27841
فالحاصل أنه لا حرج عليك في الدعاء على والدة زوجك إن ظلمتك، وليس في ذلك إخلال بحق زوجك. وإن كان الأولى أن تعفي عنها.
والله أعلم.