الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن محل تكبيرات الانتقال يكون في أثناء الانتقال إلى الركن لا قبله ولا بعده، فإن خالف فصلاته صحيحة عند الجمهور، لأن التكبير للانتقال والتسميع عندهم سنة لا تبطل الصلاة بتركه، وأما الحنابلة: فالمذهب عندهم وجوب تكبيرات الانتقال والتسميع، وأن من أوقع بعض التكبير فضلا عن كله بعد الانتقال إلى الركن عمدا فصلاته باطلة، ورجح بعض المحققين منهم عدم البطلان، كما بينا في الفتويين رقم: 189051 ورقم: 126200.
وأما من تركه أو أتى به في غير محله سهوا أو جهلا: فإنه يسجد للسهو ولا تبطل صلاته، وقد نصوا على أن من جهل الحكم بحيث لم يخطر بباله أن عالما يقول بالوجوب، وهذا حال كثير من الأئمة أو أكثرهم، فإن صلاته صحيحة ويسجد للسهو إلا أن يفوت وقت السجود بطول الفصل أو بالخروج من المسجد، قال البهوتي رحمه الله: من ترك واجبا جاهلا حكمه بأن لم يخطر بباله قط أن عالما قال بوجوبه، فإن حكمه حكم تاركه سهوا، فإن علم قبل فوات وقت سجود السهو كفاه سجود السهو ولم يلزمه إعادة الصلاة. انتهى.
وبهذا التقرير يتبين أنه لا ينبغي البتة ترك الصلاة خلف إمام يأتي بالتكبير أو التسميع في غير محله، بل يبين له بلين ورفق، ويعلم السنة في ذلك، وينصح بالخروج من خلاف العلماء، ويعرف أن بعضهم قال ببطلان الصلاة في حق من تعمد هذا الفعل.
وأما الصلاة خلف إمام لا يطمئن في صلاته القدر الواجب من الطمأنينة: فلا تصح، لأن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة، والواجب على من ابتلي بإمام لا يطمئن في صلاته أن يفارقه، وأن من صلى بصلاته أن يعيدها، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: من دخل مع الإمام في أول الصلاة وعرف من الإمام أنه لا يتأنى في صلاته وأنه لا يمكنه متابعة الإمام، إلا بالإخلال بأركان الصلاة، ففي هذه الحال يجب عليه أن يفارق الإمام، وأن يكمل الصلاة وحده، لأن المتابعة هنا متعذرة إلا بترك الأركان، وترك الأركان مبطل للصلاة. انتهى.
وقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 51722، بيان القدر المجزئ من الطمأنينة في الصلاة.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 172175، ورقم: 121030.
والله أعلم.