الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوص في هذا المكان، ولا في غيره بالخليفة من بعده، وإنما ترك الأمر للمسلمين شورى. وإن كان صلى الله عليه وسلم قدم أبا بكر ليصلي بالناس في مرضه الذي توفي فيه، فاختاره المسلمون لدنياهم بما أن الرسول صلى الله عليه وسلم اختاره لدينهم.
وخطبته صلى الله عليه وسلم في غدير خم "واد فيه نبع بين مكة والمدينة" محفوظة نقلها لنا العدول، كما نقلوا غيرها من أحاديثه صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً يوماً بماء يدعى (خماً) بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد: ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما: كتاب الله ، وفيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي... فقال له حصين "أحد الرواة عنه" ومن أهل بيته يازيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس. قال: كل هؤلاء حرم؟ قال: نعم.
وعلى هذا فلم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عين الخليفة من بعده، أو أوصى بالخلافة لأحد معين.
والله أعلم.