الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا دُفن المسلم في مقبرة خاصة بالمسلمين، لا يهان فيها رفاتهم، ويؤمن عليهم فيها من العبث، فلا يجوز نبشه لدفنه في مكان آخر، إلا لضرورة أو مصلحة شرعية، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 177579، ورقم: 27731.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة: إلى أنه لا يجوز نقل الميت من مكان إلى آخر بعد الدفن مطلقا... وأما المالكية: فيجوز عندهم نقل الميت قبل الدفن وكذا بعده من مكان إلى آخر بشروط هي:
- أن لا ينفجر حال نقله.
- أن لا تنتهك حرمته.
- وأن يكون لمصلحة: كأن يخاف عليه أن يأكله البحر، أو ليدفن بين أهله، أو لأجل قرب زيارة أهله، أو دفن من أسلم بمقبرة الكفار، فيتدارك بإخراجه منها، ودفنه في مقبرة المسلمين.
فإن تخلف شرط من هذه الشروط الثلاثة كان النقل حراما. اهـ.
وأما الصلاة على شهداء مقابر الأرقام: فإنهم إن كانوا ماتوا حال القتال وبسببه، فلا تجب الصلاة عليهم وإن كانت مشروعة، وقد ذهب بعض أهل العلم كالشافعية إلى حرمة الصلاة على شهيد المعركة، وذهب بعضهم إلى وجوبها كالحنفية، والراجح هو ما قدمناه من عدم وجوبها مع مشروعيتها، جمعا بين الأدلة، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 7920، 74025، 52963.
وأما حكم وجود مثل هذه المقابر في البلاد الإسلامية في حال الحروب: فالأصل أن المسلم لا يجب عليه دفن الكافر خاصة الحربي، إلا إن عدم من يدفنه من ذويه، فإنه يواريه التراب على حاله، جاء في مطالب أولي النهى للرحيباني: يواري ـ يعني الكافر ـ وجوبا, لعدم من يواريه من الكفار، كما فعل بكفار بدر واروهم في القليب، ولا فرق بين الحربي والذمي، والمستأمن والمرتد في ذلك، لأن ترك المواراة مثلة به, وقد نهي عنها. اهـ.
وإن وجدت مصلحة معتبرة في التحفظ على رفات هؤلاء ودفنهم في مقابر مخصوصة، وحفظ أسمائهم في سجلات مكتوبة، فلا حرج في ذلك للمصلحة، كأن يتم مبادلة أسرى المسلمين بهذه الجثث.
والله أعلم.