الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان ينبغي لأخيك أن يدعو عليك, ولا لك أن تدعو عليه, خاصة إذا كان الدعاء بدخول النار، وإن كان دعاء أخيك عليك ظلمًا، فقد جعل الله الحق للمظلوم أن يقتص من ظالمه بدون تعد، وأباح له أن يدعو عليه بمثل ما دعا به عليه، جاء في صحيح مسلم مرفوعًا: المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما, ما لم يعتد المظلوم.
ولكن الصبر والعفو أولى وأفضل؛ لقوله تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:40-43}.
والذي عليك وعلى أخيك الآن أن تتسامحا وتتصالحا، وأن يدعو كل واحد منكما للآخر بالخير, وبدخول الجنة, والبعد من النار؛ فالدعاء نافع على كل حال، فقد روى الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الدعاء ينفع مما نزل, ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء. حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزياداته.
وروى الترمذي وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا يرد القضاء إلا الدعاء. حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير.
والله أعلم.