الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرياء معناه أن يقصد العبد بعمله غير الله تبارك وتعالى، وليس معناه أن يطلع مخلوق على عمل العبد، وانظري الفتوى رقم: 10992.
والملائكة منهم الحفظة الذين يكتبون أعمال العباد، ولا يمكن إخفاء أي عمل عنهم: قال الله تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ {الانفطار: 10ـ12}.
ولذلك، فإن ما تفكرين فيه هو من وساوس الشيطان وكيده.. ليصدك به عن العبادة ويحول بينك وبين الطاعة، فلا تلتفتي إليه، ولا تفكري فيه وامضي في عبادتك بإخلاص سرا وعلانية، قال ابن عبد السلام ـ رحمه الله ـ في مقاصد الرعاية: فصل فِي ترك الْعَمَل مَخَافَة الرِّيَاء: الشَّيْطَان يَدْعُو إِلَى ترك الطَّاعَات، فَإِن غَلبه العَبْد وَقصد الطَّاعَة الَّتِي هِيَ أولى من غَيرهَا أخطر لَهُ الرِّيَاء ليفسدها عَلَيْهِ، فَإِن لم يطعه أَوْهَمهُ أَنه مراء، وَأَن ترك الطَّاعَة بالرياء أولى من فعلهَا مَعَ الرِّيَاء فيدع الْعَمَل خيفة من الرِّيَاء، لِأَن الشَّيْطَان، أَوْهَمهُ أَن ترك الْعَمَل خيفة الرِّيَاء إخلاص، والشيطان كَاذِب فِي إيهامه، إِذْ لَيْسَ ترك الْعَمَل خوف الرِّيَاء إخلاص، وَإِنَّمَا الْإِخْلَاص إِيقَاع الطَّاعَة خَالِصَة لله تَعَالَى دون النَّاس، وَقد تتْرك الْعَمَل مَخَافَة الرِّيَاء فيوهمك الشَّيْطَان أَنَّك مراء بترك الْعَمَل، لينغص عَلَيْك الْعَيْش فِيمَا تعمله وَفِيمَا تتركه.
والله أعلم.