الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لبستِ الجوربين على طهارة ثم انتقض وضوؤك قبل الصلاة، فلك المسح عليهما في الوضوء ولو كنت تنوين نزعهما بعد الصلاة، فلا يشترط في صحة المسح على الجوربين بقاؤهما في الرجلين يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام للمسافر, جاء في فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز: من لبس الخفين، أو الجوربين إن شاء أبقاهما يوما وليلة وهو مقيم غير مسافر، وإن شاء خلعهما متى شاء، ولو لم يصل فيهما إلا مرة واحدة. انتهى.
وإذا لبست جوربين في رجل واحدة ثم خلعت الأعلى منهما لإصلاح الأسفل وكان هذا الخلع قبل المسح عليهما، فهذا لا تأثير له، ولك المسح عليهما بعد انتقاض الطهارة إذا كنت قد لبستهما على طهارة أوَّلا، جاء في المغني لابن قدامة: فمتى نزع الفوقاني قبل مسحه لم يؤثر ذلك، وكان لبسه كعدمه، وإن نزعه بعد مسحه بطلت الطهارة، ووجب نزع الخفين وغسل الرجلين، لزوال محل المسح، ونزع أحد الخفين كنزعهما، لأن الرخصة تعلقت بهما، فصار كانكشاف القدم. انتهى.
ويجوز للشخص لبس جوربين في كلتا رجليه، كما يجوز له لبس جوربين في رجل واحدة مع وجود جورب واحد في الرجل الأخرى، جاء في المغني لابن قدامة: وإن لبس الفوقاني قبل أن يحدث، جاز المسح عليه بكل حال، سواء كان الذي تحته صحيحا أو مخرقا، وهو قول الحسن بن صالح، والثوري، والأوزاعي، وأصحاب الرأي، ومنع منه مالك في إحدى روايتيه، والشافعي في أحد قوليه، لأن الحاجة لا تدعو إلى لبسه في الغالب، فلا يتعلق به رخصة عامة، كالجبيرة. ولنا أنه خف ساتر يمكن متابعة المشي فيه، أشبه المفرد، وكما لو كان الذي تحته مخرقا، وقوله: الحاجة لا تدعو إليه ـ ممنوع، فإن البلاد الباردة لا يكفي فيها خف واحد غالبا، ولو سلمنا ذلك، ولكن الحاجة معتبرة بدليلها، وهو الإقدام على اللبس، لا بنفسها، فهو كالخف الواحد. انتهى.
والله أعلم.