الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمدافعة الوساوس تكون بأي وسيلة تعين على المدافعة، ما لم يكن فيها محرّم. وتغميض العينين إن كان مما يعين على دفعها من ذهنك والاشتغال بغيرها، فلا بأس به.
لكن المشروع مع اتخاذ أسباب المدافعةِ الاستعاذةُ بالله والتوكلُ عليه؛ فإن التوفيق من الله وبه، وأفعالنا إنما هي أسباب مخلوقة، فلا يركن إليها وحدها دون توكل واستعاذة، واستعانة بالله، كما قال تعالى على لسان شعيب: وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ {هود:88}. وكما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز. وذلك في كل أمرك، كما تقرأ في كل صلاة: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {الفاتحة:5}.
وقد روى البخاري في صحيحه، ومسلم في "باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها"، حديثَ أبي هريرة مرفوعاً، وفيه: فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ.
قال ابن حجر في فتح الباري: أي - ولْينتهِ - عن الاسترسال معه في ذلك، بل يلجأ إلى الله في دفعه، ويعلم أنه يريد إفساد دينه وعقله بهذه الوسوسة، فينبغي أن يجتهد في دفعها بالاشتغال بغيرها. اهـ.
وكذلك الوسوسة في العبادة، فإن الاستعاذة بالله من الشيطان مما يَدفع شرَّه، كما قال تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ {سورة الناس}.
وأكثر من الدعاء والذكر، فإن ذلك مما يعين على التغلب على الوساوس، كما قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.
والله أعلم.