الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكلام إذا نفث في الماء قد يؤثر فيه بالنفع كما في الكلمات الشرعية من الكتاب والسنة، وقد يؤثر فيه بالضر كما في الكلمات الشركية من أسماء الشياطين وغيرها.
والمشروع من هذه الكلمات ما اشتملت على ثلاثة شروط:
1- أن تكون بأسماء الله, أو بكلامه, أو صفاته, أو بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذكر والدعاء.
2- أن تكون باللسان العربي, أو بما يعرف معناه من غيره؛ لئلا تشتمل على شيء غير مفهوم الدلالة مما قد يكون سحرًا أو تعظيمًا للمخلوق.
3- أن يعتقد أنها لا تؤثر بذاتها، بل بتقدير الله تعالى وإرادته، فإذا اجتمع في الكلام هذه الشروط فإنه يعد من الرقية المباحة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا. رواه مسلم.
قال الشيخ حافظ الحكمي - رحمه الله - في معارج القبول: أَمَّا الرُّقَى الَّتِي لَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةِ الْأَلْفَاظِ, وَلَا مَفْهُومَةَ الْمَعَانِي, وَلَا مَشْهُورَةً, وَلَا مَأْثُورَةً فِي الشَّرْعِ الْبَتَّةَ, فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ, وَلَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي ظِلٍّ وَلَا فَيْءٍ, بَلْ هِيَ وَسْوَاسٌ مِنَ الشَّيْطَانِ أَوْحَاهَا إِلَى أَوْلِيَائِهِ, كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} [الْأَنْعَامِ: 121] وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ"؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِهِ لَا يَدْرِي أَهْوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى, أَوْ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَلَائِكَةِ, أَوْ مِنْ أَسْمَاءِ الشَّيَاطِينِ, وَلَا يَدْرِي هَلْ فِيهِ كُفْرٌ أَوْ إِيمَانٌ, وَهَلْ هُوَ حَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ, أَوْ فِيهِ نَفْعٌ أَوْ ضُرٌّ, أَوْ رُقْيَةٌ أَوْ سِحْرٌ. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في القول المفيد: كل ما ليس بسبب شرعي أو قدري، فيعتبر اتخاذه سببًا إشراكًا بالله. انتهى.
وبهذا تعلمين أن ما قمت به من ترديد لتلك الكلمات على الماء أقل أحواله عدم الجواز، وأنه داخل في الشرك الأصغر؛ لأنه ليس سببًا من أسباب النفع والعلاج, لا شرعًا ولا قدرًا، غير أنه لا يعتبر من ضروب السحر إن لم يكن فيه استعانة بالجن, ونفث بالكلمات الشركية.
فالواجب عليك التوبة من ترديد مثل هذه الكلمات، وكذلك التوبة من قراءة المقالات التي تعلم السحر, فإن الاستمرار في قراءة هذه المقالات قد تقودك إلى الانحراف الحقيقي إلى الشرك الأكبر المخرج من الملة, وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى: 54002.
والله أعلم.