الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز التعامل مع البنوك الربوية ولو كانت المعاملة شرعية؛ لأن الواجب هو الإنكار على هذه البنوك لتعاملها بالربا، وأقلُّ الإنكار أن يهجرها المسلمون، ولا يتعاملوا معها حتى تلتزم بشرع الله، ولو وجد أصحابها عزوف الناس عن معاملتها للبوا حاجة الناس، فغايتهم الربح، وهمهم جمع المال وكسب الزبائن.
لكن لو دعت حاجة معتبرة إلى معاملة بنك ربوي معاملة مباحة، فتجوز معاملته حينئذ بقدر ما تندفع به الحاجة، مثلما لو عدمت البنوك الإسلامية، أو احتيج إلى معاملة أو خدمة لا توفرها البنوك الإسلامية، فلا حرج في معاملة البنك الربوي لدفع تلك الحاجة. كما أنه لو كان للبنك الربوي فرع خاص بالمعاملات الإسلامية، وكان مستقلاً تمام الاستقلال عن البنك الربوي، وكانت له لجنة رقابة شرعية عارفة بأحكام الشرع، وصارمة في المراقبة. فلا حرج في التعامل معه أيضا.
وعلى كل؛ فإن كانت البنوك الإسلامية ترفض التعامل معكم، ولم تجدوا غير البنوك الربوية لدفع تلك الحاجة، والمعاملة ذاتها مشروعة. فنرجو ألا يكون عليكم حرج في ذلك، مع الحذر من تضمن العقود لتطبيق فائدة على المبالغ المستحقة المتأخرة، وهذا هو المسمى بغرامة التأخير، وهي ربا كما بيناه في الفتويين: 30843 ، 116001 .
وأما ما يتعلق بالإجارة المنتهية بالتمليك، فلا ننصحك بها إذا كان التعامل مع بنك غير إسلامي؛ لأنها معاملة لها صور جائزة وصور محرمة سبق بيانها في الفتوى رقم: 6374 والتي تضمنت قرار مجمع الفقه بشأن الإيجار المنتهي بالتمليك، وغالبًا لا تتحقق شروط الجواز في العقود التي تبرمها البنوك الربوية.
والأسلم هو أن يشتري البنك البيت ثم يبيعه عليك بالتقسيط مرابحة، وهذه المعاملة تعرف بالمرابحة للآمر بالشراء، وقد بينا شروط صحة بيع المرابحة للآمر بالشراء في عدد من الفتاوى منها: 1608 ، 3521، 9670 ، 139582 ، 120690 فراجعيها للفائدة . ولعل هذه المعاملة هي التي أشرت إليها في آخر سؤالك، مع رهن البيت للبنك حتى سداد كامل الأقساط، وهذا لا حرج فيه، وقد بينا جواز رهن المبيع على ثمنه في عدد من الفتاوى مثل الفتاوى أرقام: 10348 ، 28795 ، 31840 .
والله أعلم.