الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر من سؤال السائلة أن عندها تخوفاً شديداً من الاستخفاف، وهذا قاطع بأنها بعيدة عن الكفر ـ بحمد الله ـ لم ينشرح به صدرها، وإنما هي وساوس، وقد سبق لنا التنبيه على سبل التخلص من الوسوسة وعلاجها في عدة فتاوى، منها الفتاوى التالية أرقامها: 78372، 3086، 60628.
ولا بد مع ذلك أيضاً من العلاج الطبي، فما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء، كما في صحيح البخاري، وهذا المرض الآن تقدمت وسائل علاجه ـ بفضل الله ـ وأما مقولة: من نقل انتقل، ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه ـ فلا تعد استهزاء، ولكنها كذب، ودعوى إلى الغش، والغش حرام، وراجعي الفتويين رقم: 2937، ورقم: 26858.
وأما السخرية ممن يتكلم بالفصحى: فلا تجوز، بل إن تعظيم العربية من تعظيم الإسلام، كما نبه عليه ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في اقتضاء الصراط المستقيم، وحتى لو قصد الاستهزاء بالفصحى، فلا بد من إعلامه أولاً أنها لغة القرآن، وأنها مقصودة شرعاً، ولا يُكفر بمجرد ذلك، فإن كون العربية لازمة لفهم الإسلام، ليس معلوماً بالضرورة.
وتقديم الجارة على القريبة البعيدة في دعوة العرس لا حرج فيه، وعلى العموم فهي دعوة مباحة ليست واجبة، فأمرها واسع، ولو دعوتم الاثنتين فحسن.
وأما مقولة: فتلك هي الطامة الكبرى... فاعلمي أن الطامة الكبرى يقصد بها يوم القيامة، وعلى أي حال فلا يمنع من إطلاقها مراداً بها بعض طوام الدنيا التي هي أكبر من غيرها، فهو إطلاق مجازي، ولم يزل العلماء يستخدمونه، كالغزالي في الإحياء، وابن رجب، وغيرهما وبهذا تعلمين أنه لا يحكم على أختك بالكفر، وقد ذكرت أمورا أخرى كلها وساوس لا نطيل بالحديث حولها، ولكن نحيلك إلى الفتاوى السابقة، نسأل الله تعالى أن يذهب عنك تلك الوساوس ويعافيك منها.
والله أعلم.