الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جل وعلا أن يلطف بكن، وأن يُذهب عنكن الهم والحزن، ولا ريب في أن ما ذكرته من سوء تعامل الوالدة يوجب انكسار القلب، ويعتصر به الفؤاد ألما، لكن للمؤمن في رحمة الله غنى عن البشر كلهم، وشدة البلاء يعقبها الفرج واليسر ـ بإذن الله ـ والمصائب كفارات ورفعة للمؤمنين، وإساءة الظن بالله واليأس من روحه وفرجه والقنوط من رحمته وفضله، كلها من كبائر الخطايا، فاحذروا من الوقوع فيها، وإساءة الوالدة لا تسقط حقها عليكم في البر والإحسان، ومن خير ما تدفعون به إساءتها هو الإحسان إليها، فإن الإحسان يصير العدو وليا، كما قال سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
واضرعوا إلى الله أن يهدي والدتكن، وأن يعطفها عليكن ويكفيكن شرها، وما تقوم به والدتكم من الدعاء عليكن بغير حق لا يجوز، وهو دعاء مردود غير مجاب، كما في جاء الحديث: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم. رواه مسلم.
والدعاء بغير حق من الإثم، فلن يضركن دعاء والدتكن عليكن بغير حق، ولا حرج عليكن في النقلة إلى مسكن مستقل عن والدتكن لاتقاء شرها بشرط الأمن من الفتنة والبعد عن الريبة وإساءة الظن بكن، وهذا ما لم تتضرر الأم من ذلك وراجعي الفتوى رقم: 114563.
وننبهك ـ أيتها الأخت ـ إلى أن قولك: والدعاء الذي يهز عرش الرحمن ـ لا ينبغي إطلاقه، فمثل هذا التعبير يفتقر إلى دليل يسوغه.
والله أعلم.