الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز عمل مصلى للنساء في المسجد القديم بشروط:
1ـ أن يكون المسجد القديم والتوسعة بمثابة مسجد واحد، وهذا مطابق لحالة السؤال كما هو المفهوم من معنى التوسعة، وهذا الاشتراط للجمهور، خلافا للمالكية الذين اكتفوا بإمكان المتابعة بالرؤية، أو السماع ولو كان المأموم خارج المسجد.
2ـ تمكن النساء من متابعة حركات الإمام إما بالصوت والصورة، أو بالصوت فقط، أو رؤية بعض المأمومين، لأن الاقتداء لايصح إلا مع إمكان المتابعة وارتفاع اللبس، وهو شرط متفق عليه.
3ـ أن تقع صفوف النساء خلف الإمام، وذلك متحقق في حالة السؤال، لأن الإمام يقف في التوسعة وهي متقدمة على مصلى النساء.
وهذا الاشتراط هو مذهب الجمهور، خلافا للمالكية الذين اختاروا صحة تقدم المأموم على إمامه مع إمكان المتابعة، لكنه مع الكراهة لغير ضرورة، ولا يضر وقوع بعض صفوف الرجال خلف صفوف النساء ولا يضر محاذاتهم، مادام مصلى النساء معزولا عن مصلى الرجال, أما كراهية الجمهور لمحاذاة المرأة للرجل أو تقدمها عليه مع صحة الصلاة خلافا للحنيفة الذين أبطلوا صلاة الرجل بذلك بشروط مفصلة في المذهب، فتلك الكراهة وهذا الإبطال إنما هو في حالة صلاة النساء مع الرجال في نفس الموضع، أما والمكان مختلف وبينهما حائل فلا كراهة ولا إبطال والحمد لله.
4ـ وفي اشتراط عدم الجدار الكبير العازل بين مصلى النساء والإمام خلاف بين الفقهاء، لكن المحذور ـ وهو عسر المتابعة بسب الجدار ـ زال بعد ظهور وسائل نقل الصوت الحديثة، بل إن الإمام الغزالي قال: ويجب أن يُضرب بين الرجال والنساء حائل يمنع من النظر فإنه مظنة الفساد.
والأفضل أن يوضع في الجدار كوة أو شباك تمكن من خلاله رؤية الإمام أو المأمومين.
5ـ أما بالنسبة لإذن الواقف أو الناظر: فلا يعتبر إذن الواقف في هذه التوسعة، بل المعتبر موافقة نظراء ومدراء الأوقاف المعنيين بأوقاف المساجد، فإن التوسعة لا تخالف المقصد الذي من أجله وقف الواقف وقفه، وهو الصلاة، لأن المسجد وقف لكل المصلين وليس مختصا بالرجال فقط، بل ذهبت اللجنة الدائمة والشيخ ابن عثيمين إلى أكثر من ذلك فجوزوا هدم المسجد القديم وإنشاء جديد مكانه لأجل التوسعة للمصلحة العامة وإن أبى الواقف ذلك.
ينظر في ذلك فتاوى اللجنة الدائمة: 6ـ 232ـ 233 ـ اللقاء الشهري:1ـ 493.
والله أعلم.