الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك تواصلك معنا وحرصك على تعلم أمر دينك، وذاك من أهم ما تقضى فيه الأوقات وتصرف فيه الأعمار، قال تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {المجادلة:11}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين. رواه البخاري ومسلم.
وأما ما سألت عنه: فجوابه أن صلاتك صحيحة، وليس عليك الالتفات إلى تلك الشكوك، لكونك موسوسة ويشق تتبع ما تجدينه من وساوس في صلاتك وغيرها، والمشقة تجلب التيسير، ولأن شكوك الموسوس غالبها أوهام، قال الميناوي في التحرير: لأن شكه غالبا ما يكون وهما، فلا يلتفت له، ولقطع علائق الشيطان من استدراجه.
جاء في الموسوعة الفقهية: الموسوس هو من يشك في العبادة ويكثر منه الشك فيها حتى يشك أنه لم يفعل الشيء وهو قد فعله، والشك في الأصل موجب للعود لما شك في تركه، كمن رفع رأسه وشك هل ركع أم لا؟ فإن عليه الركوع لأن الأصل عدم ما شك فيه، وليبن على اليقين، ومن شك أنه صلى ثلاثا، أو أربعا جعلها ثلاثا وأتى بواحدة ويسجد للسهو، لكن إن كان موسوسا فلا يلتفت للوسواس، لأنه يقع في الحرج، والحرج منفي في الشريعة، بل يمضي على ما غلب في نفسه، تخفيفا عنه وقطعا للوسواس، قال ابن تيمية: والاحتياط حسن ما لم يفض بصاحبه إلى مخالفة السنة، فإذا أفضى إلى ذلك فالاحتياط ترك هذا الاحتياط.
وننبهك على أن من الأمور النافعة في علاج الوسوسة استحضار القلب والانتباه عند الفعل وتدبر ما أنت فيه من فعل أو قول، فإنك إذا وثقت من فعلك وانتبهت إلى قولك وعلمت أن ما قمت به هو المطلوب منك كان ذلك داعياً إلى عدم مجاراة الوسواس، وإن عرض لك فلا تلفتي إليه، لأنك على يقين من أمرك.
والله أعلم.